تطوير فئة جديدة من المضادات الحيوية
علوم و تكنولوجيا
تطوير فئة جديدة من المضادات الحيوية
9 حزيران 2025 , 17:08 م

مكن فريق بحثي من جامعة ماكماستر الكندية من اكتشاف جزيء جديد يُدعى لاريوسيدين (Lariocidin)، يُعد من أوائل المضادات الحيوية التي تنتمي إلى فئة جديدة كليا منذ ما يقارب ثلاثين عاما، ما يفتح بابا جديدا في مواجهة التحديات المتزايدة المرتبطة بمقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية.
- تهديد عالمي يتطلب حلولا جذرية
أصبحت مقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية – المعروفة باسم مقاومة مضادات الميكروبات (AMR) – من أخطر التهديدات الصحية التي تواجه العالم، حسب تقارير منظمة الصحة العالمية. وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 4.5 مليون وفاة سنويا ترتبط بعدوى مقاومة للمضادات الحيوية، وهو رقم مرشح للارتفاع إذا لم يتم تطوير علاجات جديدة وفعّالة.
يقول البروفيسور جيري رايت، قائد الفريق البحثي وأستاذ الكيمياء الحيوية والعلوم الطبية الحيوية في جامعة ماكماستر: "إن أدوية الماضي تفقد فعاليتها تدريجيا، في الوقت الذي تصبح فيه البكتيريا أكثر تطورا ومقاومة، وهنا يأتي لاريوسيدين كأمل جديد في هذا السباق."
كيف يعمل لاريوسيدين؟
ينتمي لاريوسيدين إلى فئة نادرة من الجزيئات تُعرف باسم بيبتيدات اللاسّو (Lasso Peptides)، وتكمن قوته في آلية عمله الفريدة التي تختلف كليًا عن المضادات الحيوية التقليدية؛ إذ يستهدف آلية تصنيع البروتينات داخل البكتيريا بطريقة جديدة كليا، مما يؤدي إلى إيقاف نموها وموتها.
يضيف رايت: "إنه جزيء جديد كليًا بآلية تأثير غير مسبوقة. إنها قفزة نوعية في مجال اكتشاف الأدوية."
- بداية الاكتشاف ... من تربة الحديقة
المثير في القصة أن مصدر هذا الجزيء لم يكن مختبرا عالي التقنية، بل عينة من تربة حديقة منزلية في مدينة هاميلتون. ترك الفريق البكتيريا الموجودة في التربة تنمو لمدة عام تقريبا في المختبر، ما أتاح الفرصة لاكتشاف كائنات بطيئة النمو كان يمكن أن تمر دون ملاحظة.
من بين هذه الكائنات، تميز نوع من البكتيريا يُدعى Paenibacillus بإنتاجه لمركب قوي وفعّال ضد البكتيريا الأخرى، حتى تلك التي تُعد مقاومة للمضادات الحيوية.
- خواص استثنائية تجعله مرشحا واعدا
تشير التجارب الأولية إلى أن لاريوسيدين لا يقتصر فقط على فعاليته العالية ضد البكتيريا المقاومة، بل يتمتع أيضا بمزايا استثنائية:
غير سام للخلايا البشرية
غير قابل للتحلل بواسطة آليات المقاومة المعروفة
فعّال في النماذج الحيوانية للعدوى
ويؤكد الدكتور مانوج جانغرا، الباحث المشارك في المشروع، أن لحظة اكتشاف آلية عمل الجزيء كانت "لحظة مفصلية"، إذ أوضحت إمكانيات غير مسبوقة لهذا المركب.
- الطريق إلى التجارب السريرية
رغم أن الاكتشاف بحد ذاته يُعد إنجازا علميا مهما، إلا أن الفريق يُدرك أن المرحلة الأصعب تبدأ الآن، فإنتاج لاريوسيدين بكميات كافية لاستخدامه سريريا يتطلب تعديلات على بنيته الجزيئية وتطوير طرق تصنيع مستدامة.
يقول رايت: "الاكتشاف الأولي كان لحظة مدهشة، لكن العمل الحقيقي يبدأ الآن. علينا أن نُعيد بناء هذا الجزيء من جديد لنحوله إلى دواء فعّال قابل للاستخدام."

المصدر: مجلة Nature العلمية