قد يبدو حزام "أوستيوبوست" للوهلة الأولى وكأنه أحد تلك الأدوات التي تُعلن عنها القنوات التسويقية لتحفيز عضلات البطن أو التخلص من الدهون، ولكن الحقيقة أنه جهاز طبي مبتكر حصل على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، ويُعد اليوم أول تدخل غير دوائي رسمي لعلاج هشاشة العظام الثانوية (Osteopenia).
تم تطوير هذا الحزام في شركة Bone Health Technologies بكاليفورنيا، وهو مصمم لتوفير اهتزازات دقيقة بتردد 30 هرتز وقوة تسارع تبلغ 0.3-G، تُطبّق على مناطق الهيكل العظمي الأكثر عرضة للكسور، عبر مستشعرات ضغط ومقاييس تسارع تستجيب لاحتياجات كل مستخدم.
- من النساء إلى الفضاء: القصة وراء التكنولوجيا
تعتمد تقنية "أوستيوبوست" على مبدأ علمي معروف لدى وكالة ناسا منذ أيام رواد الفضاء السوفييت: غياب الجاذبية يُضعف العظام، وقد استخدمت ناسا سابقاً الاهتزازات لمحاربة فقدان الكتلة العظمية لدى رواد الفضاء، مما ألهم الباحثين لتطبيق هذه التقنية على الأرض، وتحديدا للنساء بعد انقطاع الطمث، حيث أن 54% منهن يُعانين من هشاشة العظام الثانوية.
- فعالية مثبتة سريريا
أظهرت التجارب السريرية التي سبقت موافقة FDA أن استخدام جهاز Osteoboost يؤدي إلى تقليل فقدان الكتلة العظمية بنسبة تصل إلى 85%، وبحسب الأطباء، فإن هذه الاهتزازات تحفّز خلايا العظم "الأوستوسايتس" التي بدورها تُرسل إشارات لخلايا بناء العظم "الأوستوبلاستس" والخلايا المسؤولة عن تحلله "الأوستوكلاستس"، لتجديد النسيج العظمي بطريقة مشابهة لما يحدث أثناء التمارين البدنية.
- تجربة المستخدمين: راحة، فعالية، وتمكين
راشيل كورن، 55 عاما، من سكان لوس ألتوس، تشارك تجربتها قائلة: "لا أكاد أشعر به … أستخدمه وأنا أعمل على مكتبي أو أحضّر أطعمة غنية بالكالسيوم والبروتين في المنزل."
بعد سنوات من المعاناة مع الأدوية الجانبية والغثيان وقلة النوم، تقول كورن إن عظامها استقرت ولكنها لم تتحسن. إلى أن استخدمت Osteoboost، الذي منحها دفعة أمل جديدة. "أحب فكرة أن تكون المرأة قوية"، تقول كورن، التي خاضت أول سباق ثلاثي في الخمسين من عمرها، وتدربت مع ابنها لتسلق الحبل في أقل من عشر ثوانٍ.
- القصة الشخصية وراء الابتكار
لورا ييسيس، الرئيسة التنفيذية لشركة Bone Health Technologies، خاضت رحلة شخصية مع هشاشة العظام منذ أن كانت طالبة تتطوع في دار مسنين يديره والدها، ومع إصابتها هي شخصيا بنقص كثافة العظام، تعهدت بكسر الحلقة. تؤمن بأن صحة العظام لم تحظَ بالاهتمام الكافي في عالم الابتكار الطبي رغم خطورتها وتأثيرها الواسع.
- الجسر بين الطب الغربي والحكمة الشرقية
باتي هيروتا-كوهن، في السبعين من عمرها، تقول إن Osteoboost يُذكرها بتمارين الـ Qi Gong الصينية القديمة، التي تعتمد على الارتجاجات والحركات لتحسين التوازن والطاقة الجسدية، وتضيف:
"فيه حكمة قديمة… لكنها أصبحت في حزام."
- توصيات علمية ومجال أوسع للاستخدام
الدكتور ديفيد كاربف، أستاذ الغدد الصماء بجامعة ستانفورد ومستشار الشركة منذ 2001، يُعد من أبرز الخبراء الدوليين في هشاشة العظام. يوصي بالجهاز للمرضى الذين يبحثون عن بديل غير جراحي وآمن، وعلى الرغم من أن الجهاز مُرخص حاليًا فقط للنساء بعد انقطاع الطمث، إلا أن الأطباء يستخدمونه بالفعل مع مرضى آخرين، بما فيهم الرجال المصابون بهشاشة العظام، ومرضى السرطان الذين خضعوا للعلاج الكيميائي أو يتناولون أدوية مانعة لهرمون الإستروجين.
- السعر والتأمين الصحي
يبلغ سعر الجهاز حوالي 995 دولارا، وهو غير مشمول حتى الآن بالتأمين الصحي، إلا أن الشركة تعمل حاليا على مفاوضات لاعتماد التغطية التأمينية له.
- رؤية مستقبلية: القوة في العمر
قالت ييسيس:
"سمعت كثيرا من النساء يقلن إن فقدان العظام جزء من الشيخوخة، لكني لا أعتقد أننا يجب أن نقبل بفكرة أن المرأة تصبح ضعيفة."
وبصوت مليء بالتحدي والإصرار، تضيف كورن:
"أريد أن أستمر في السباحة والجري وأنا في السبعين من عمري … ولن أقبل بأقل من ذلك."


