من فروسية حزب الله إلى طوباوية فريق الرئيس جوزيف عون
مقالات
من فروسية حزب الله إلى طوباوية فريق الرئيس جوزيف عون
حليم خاتون
11 حزيران 2025 , 20:44 م

كتب الدكتور حليم خاتون:

"يا نور عينَيَّ،

رحنا ضحية،

ضحية... الحركة الثورية"...

من "نشيد الثورة" في مسرحية "نزل السرور" لزياد الرحباني...

"مكانك راوح"...

هو اختصار توصيف الوضع في لبنان من وجهة نظر الجنرال حسن جوني منذ التزم حزب الله وقفا لإطلاق النار لم يوقعه اي طرف؛ لكن حزب الله والسلطة اللبنانية وحدهما هما من يطبق هذا الاتفاق الشفهي ( اتفاق Gentlemen مع إسرائيل... كيف يمكن جمع إسرائيل والجينتلمان، وحده الرب يعلم)...

حزب الله كتاب مغلق إلى حين يتم كشف ما حصل وما يحصل وما يخطط له هذا الحزب اليتيم في الصحراء العربية القاحلة المليئة بأشواك التبن الناتجة عن نظام رسمي عربي عاجز، وتيار إسلامي سلفي تصل جذوره إلى يهود بني قنيقعة، وإخوان مسلمين بات سلاطين بني عثمان أعلى مرتبة في الوحي عندهم من محمد بن عبد المطلب...

السلطة في لبنان من يوم يومها بيت من ١٤ آذار بمنازل كثيرة...

حتى جماعة حزب الله داخل هذه السلطة ينتمون عقائديا إلى الغرب حتى لو لبسوا السروال ووضعوا على رؤوسهم طرابيش...

لكنهم الفرع الأهبل والساذج من ١٤ آذار...

نظرة تشريحية بسيطة لهذه السلطة تكفي لإظهار مدى فضائحية التركيبة اللبنانية...

السلطة التشريعية لا تزال تتمسك بشيء من الوطنية بفضل وجود رئيس حركة أمل على رأسها دون أن ينفي هذا الأمر تبعية هذه السلطة هي ايضا إلى العم سام الأميركي لان هناك شيعة لا يزالون يميزون بين أميركا وإسرائيل... كيف؟

وحده الرب يعلم...

السلطة التنفيذية كانت ولا تزال دوما وكر العقارب منذ ما بعد وضع مملكة بني سعود أيديهم على الطائفة السُنّية في لبنان...

نواف سلام يمثل بكل جدارة صورة الجنرال الفرنسي فيليب بيتان الذي ألف حكومة تخدم الاحتلال بعد سيطرة الغزاة النازيين الألمان على فرنسا في الحرب العالمية الثانية...

حكومة لبنان تشبه كثيرا حكومة فيشي التي حكمت فرنسا لصالح الاحتلال الألماني...

يلتقي نواف سلام حتما مع سمير جعجع في التبعية لخدمة الاحتلال الأميركي الجاثم على صدور اللبنانيين اليوم وإن كان لا يزال يحاول التستر خلف مصلحة وطنية لبنانية وحده الرب يعلم انها تكاد تكون اندثرت من قاموس هذه السلطة...

الفرق بين نواف سلام وسمير جعجع ممثلا بمسخ جنسي هو وزير الخارجية يوسف رجي ليس على الإطلاق بالتبعية للاحتلال الأميركي فحسب؛ بل الفرق الأساسي هو في أن تبعية نواف سلام ناتجة عن إيمانه بأن السطوة الأميركية هي قدر المنطقة وهو يلتقي في هذا بكل المتساقطين من شجرة القومية العربية واليسار المتفلسف، بينما سمير جعجع خادم امين وعميل سابق لإسرائيل لم يتغير، ولن يتغير...

إذا كان فرع رئاسة الحكومة في السلطة التنفيذية تابع بالكامل للاحتلال الأميركي، فإن فرع رئاسة الجمهورية يحاول التميّز عبر عدم التبعية العمياء...

لكن نية التبعية موجودة...

يحاول رئيس الجمهورية جوزيف عون وفريقه الذي ينتمي اليه معظم الجنرالات ومنهم الجنرال حسن جوني الجمع بين التبعية للأميركيين دون التفريط بلبنان في ما يبدو بوضوح شديد مهمة مستحيلة تقترب من حلم ابليس بالجنة...

أميركا تتبع الدولة العميقة التي يسيطر عليها مجموعة احتكارات عسكرية ونفطية ولكن على رأس الجميع المصارف الأميركية الكبرى ومعهم المصرف الفيديرالي الذي يعتبر هيئة خاصة لا تلتزم بأوامر الرئيس بقدر ما تلتزم أوامر هيئات السلطة المالية؛ وهذه السلطة تلتقي كل فروعها في يد الصهيونية بفرعيها اليهودي، والمسيحي الإنجيلي...

يعترف الجنرال حسن جوني بصعوبة وضعية المراوحة على الطرف الضعيف في معادلة وقف النار...

لبنان يتلقى الضربات باستمرار بشكل يؤدي إلى انهيار بنيان السلطة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا...

الحل بنظر فريق الرئيس جوزيف عون هو محاولة إقناع الأميركيين بأهمية بقاء لبنان على الخارطة...

حتى ضمن فريق الرئيس، هناك تفاوت...

المستشارة شرف الدين هي الأقرب إلى جماعة كلنا إرادة القريبة جدا من نواف سلام المرتهن للأميركيين...

المستشار غير الرسمي محمد عبيد هو الأبعد عن نواف سلام ومشروع التبعية العمياء لأميركا...

يحاول الاستاذ عبيد إيجاد حل مستحيل التحقق يؤمن أكل العنب دون قتل الناطور...

إلى أي مدى يستطيع هؤلاء النجاح مرهون بمدى قوة ترامب وصموده أمام الدولة العميقة في أميركا الذي يبدو مستحيلا حتى الآن...

ينطلق الجنرال حسن جوني من فرضية إمكانية نجاح التوفيق بين التبعية والحفاظ على لبنان عبر تقسيم سلاح حزب الله إلى قسمين:

السلاح الثقيل المتمثل بالصواريخ الدقيقة الثقيلة والبعيدة المدى والسلاح المتوسط بما في ذلك السلاح المضاد للدروع...

يقول الجنرال حسن جوني أن السلاح الثقيل الذي كان يؤمن ردعا هجوميا واستطاع تأمين استقرار على الحدود مع فلسطين لمدة حوالي عقدين من الزمن قد اصيب بنكسة أثناء الحرب وإنه بات يشكل عبئا على لبنان لأن الاميركيين يصرون على تسليم هذا السلاح...

يقترح الجنرال حسن جوني إيجاد تسوية لهذا السلاح تخرجه من المعادلة لكن مع التوصل إلى قبول الاميركيين بجمع كل السلاح المتوسط ومضاد الدروع بيد الجيش اللبناني لتأمين ردع دفاعي يمنع إسرائيل من اجتياح لبنان بمجرد تسليم حزب الله للسلاح كما أظهرت التجربة السورية حيث اجتاحت إسرائيل سوريا واحتلت أكثر من ١٥ الف كلم٢ من جنوب سوريا مباشرة وسيطرت بالنار على كل سوريا وصولا إلى الحدود التركية شمالا والحدود العراقية شرقا، كما أصدرت الحكومة الصهيونية قرارات ببناء مئات المستوطنات في الأراضي السورية بغض النظر عن الاستسلام الكامل للنظام الإسلامي الموالي لتركيا الذي يحكم الآن في دمشق...

يحاول الجنرال حسن جوني رسم صورة تميل إلى البياض ويوحي بامكانية قبول الاميركيين بهذا...

هل سوف تقبل أميركا فعلا؟

مع الاعتذار عن هذا التعبير سلفا،

لكن أماني فريق الرئيس جوزيف عون في هذا الشأن هي كمن يطلب الدبس من "طيز" النمس...

وفقا لأمين عام حركة مستقلون من أجل لبنان الاستاذ رافي مادايان، أصرت أميركا على تدمير ألفي صاروخ مضاد للدروع ومئات منصات صواريخ غراد متعددة الفوهات تزيد قيمتها على مليار دولار أميركي لا يملكها الجيش ولا يملكها لبنان، ولا يستطيع أن يملكها يوما الجيش اللبناني الذي يعيش على ١٠٠ دولار هبة تعطى بين الحين والآخر لكل جندي وضابط...

يدفعون لجيشنا لكي يكون دائما ضعيفا تابعا...

لعل افضل إجابة على أحلام الجنرال حسن جوني هو قصف إسرائيل لحاملة جند لأنها كانت تنقل بعض الذخائر إلى ثكنة الجيش بدل تدميرها كما تريد إسرائيل ومعها أميركا...

استشهد الضابط وعناصره الذين رفضوا تدمير الذخيرة بعد الذي عاشوه في معركة نهر البارد أثناء مجابهة تنظيم فتح الإسلام الإرهابية...

صحيح ان اقتراحات الجنرال حسن جوني تبدو ساذجة ومستحيلة رغم انه على حق في وجوب إيجاد قوة ردع قادرة على منع اجتياح لبنان الذي يبدو قريبا جدا ومن جبهتين هذه المرة ومشاركة كلاب (ياكوف ليفي الشرع) الذي أوصله كونسورتيوم مخابرات اسرائيلي تركي سعودي أميركي إلى رئاسة جمهورية الموز الجديدة في سوريا...

الصورة تبدو سوداء...

هي بالفعل سوداء فاحمة...

هذا السواد ناتج عن غباء تحكم بالمقاومة أثناء الحرب وجعلها لا تصغي إلى كل الكلام المنطقي الذي كان يطالبها بالدخول في حرب شاملة عبر تفعيل معادلات الردع بدل القبول الغبي بتدمير ابنيتنا بينما لم نكن نحن حتى "نُفخّت حيطان"...

وصرنا بعد كل ضربة قاصمة على بيوتنا واهلنا نرد ببضعة صواريخ على ميرون حتى مل الاسرائيليون من رتابة الرد وهزالته...

المستقبل أسود لأن حزب الله اوصلنا إلى هذا الوضع حيث تم إفراغ جنوب الليطاني من كل سلاح ردع دفاعي وبتنا لا نعرف متى تقرر إسرائيل الوصول ليس فقط .الى الليطاني بل إلى الأولي وربما إلى بيروت أيضا..

إعادة سيناريو ٨٢ ليست بعيدة بفضل الضعف الذي حل بنا والذي نتج بشكل أساسي عن قرارات غير حكيمة تذكرنا بالتبعية العمياء للفقيه فيما يشبه عند الشيوعيين نظرية التبعية للقائد الفرد كما كان يحصل أيام ستالين وما تبع ذلك الى أن انهار الاتحاد السوفياتي...

نعم الصورة سوداء إلى أن يعود حزب الله إلى رشده ويأخذ القرارات الحكيمة بوجوب التوقف عن كل الهراء الذي يقوم به ويحزم أمره ويكمل الطريق "باللّي بقيو"...

دروس المقاومة في غزة، ودروس أبطال اليمن يجب أن تتحكم بقرارات القيادات الحالية لحزب الله بدل التلهي بانتخابات بلدية اليوم او نيابة غدا لن تجلب إلى البلد اي خير...

سئمنا نظريات العمل من داخل السلطة...

المطلوب مقاومة لا دخل لها لا بالسلطة ولا بالطائفية ولا بكل العهر الذي يتحكم بكيان كله فساد بفساد...

نعم نحن في خطر وجودي فعلي...

انتظار تحقيق خرق ما في المفاوضات الإيرانية الأميركية يؤدي إلى عودة التوازن الذي اضعناه نحن عبر سياسات غبية في استراتيجيات الصبر والاحتواء والذبح بالقطن الذي لا يزال بعض الأغبياء من ابواق ٨ آذار يرددون وكأنهم لا يعيشون على نفس الكرة الأرضية ولا يرون ما يحدث...

إسرائيل تتابع طبخة الملوخية لترى إذا كان فيها دجاج ام مجرد أعشاب...

يتم يوميا اجتياحنا برا بحرا جوا من قبل إسرائيل...

ياكوف الشرع عين جنرالات الإيغور في مواقع الجيش السوري الذي عليه غزو لبنان بدل الدفاع عن سوريا لأننا بنظر هؤلاء السفلة الأغبياء نحن العدو القريب، بينما مواجهة العدو البعيد قد تحصل بعد أجيال يكونون قد فنوا هم بعد ابتلاعهم ثروات سوريا واملهم بابتلاع لبنان أيضا...

كم هي صادقة كلمات زياد:

نحن رحنا فعلا ضحية حركة مقاومة لم تقم بما يجب حين وجب...

ننتظر ونأمل أن يخرج من بين صفوف المقاومة قيادة حازمة لا تعبأ بكل العالم اذا كان شعبها يعاني...

ما همنا أن ينعم العالم بالسلام والمنطقة بالرفاهية اذا كان الثمن ذبح شعوبنا والحاقنا بمن فنى من الشعوب...

لن ننتظر أن تقام على اضرحتنا الصلوات...

علينا التهيوء وإعداد ما أمكن من رباط الخيل لأنه ما غزي قوم في عقر دارهم الا ذُلّوا...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري