كشفت جامعة فرجينيا الأميركية عن تطوير نظام بنكرياس اصطناعي ذكي يعتمد على تقنية "التوأم الرقمي"، في خطوة واعدة نحو ثورة تكنولوجية في إدارة مرض السكري من النوع الأول، يُعدّ هذا الابتكار واحداً من أكثر الحلول التكنولوجية تطوراً، إذ يدمج بين الذكاء الاصطناعي والتحكم السلوكي التكيفي لمواكبة الاحتياجات الفردية لكل مريض.
- آلية مبتكرة: التوأم الرقمي والتحكم التكيفي
يعتمد البنكرياس الاصطناعي المطوّر على ما يُعرف بـ**"التحكم السلوكي الحيوي التكيفي" (Adaptive Biobehavioral Control – ABC)**، والذي يتيح للنظام تعديل استجابته بناءً على البيانات الفسيولوجية والسلوكية الخاصة بكل مستخدم.
وأوضح الدكتور بوريس كوفاتشيف، مدير مركز تكنولوجيا السكري في الجامعة، أن هذه التقنية تتيح تحديث خوارزمية توصيل الأنسولين كل أسبوعين، مما يرفع من كفاءة العلاج ويجعله أكثر دقة وتكيفا مع التغيرات اليومية في حياة المريض.
- بيئة رقمية تفاعلية للمحاكاة والضبط
واحدة من أبرز مزايا هذا النظام الجديد هي أداة المحاكاة الافتراضية، التي تسمح للمستخدمين بتجريب تعديلات مختلفة – مثل تغيير جرعة الأنسولين الليلية – داخل بيئة رقمية آمنة قبل اعتمادها فعليا هذا يوفّر مساحة آمنة للتجربة والتحكم، دون تعريض المريض لأي خطر مباشر.
- ما هو "التوأم الرقمي"؟
يشير مفهوم "التوأم الرقمي" إلى نموذج افتراضي متطور يحاكي سلوكيات وأداء النظام الحقيقي، ورغم أن هذه التقنية استخدمت أول مرة ضمن برنامج "أبولو" التابع لوكالة ناسا في الستينيات، إلا أنها تُوظف الآن ولأول مرة بشكل شخصي وفردي في إدارة حالات السكري، عبر نماذج سحابية دقيقة تستجيب للتغيرات اليومية في نمط حياة المريض.
- نتائج سريرية مشجعة
وخلال دراسة سريرية امتدت ستة أشهر، أظهر النظام تحسناً واضحاً في النتائج:
ارتفع الوقت الذي يقضيه المرضى ضمن النطاق الآمن لمستويات السكر في الدم من 72% إلى 77%.
انخفض معدل السكر التراكمي (HbA1c) من 6.8% إلى 6.6%.
وتُعد هذه النتائج دليلاً عمليا على فاعلية التكنولوجيا الجديدة في ضبط السكر وتحسين جودة الحياة.
- التغلب على تحديات إدارة السكري
سلّط الدكتور كوفاتشيف الضوء على التحديات التقليدية في أنظمة التحكم السابقة، وهي:
1. التقلبات الحادة في مستوى السكر الناتجة عن تناول الطعام أو النشاط البدني.
2. مرحلة الثبات، وهي الفترة التي يفقد فيها المرضى التقدّم المحرز بعد بداية جيدة.
وقد تغلب النظام الجديد على هذين التحديين عبر دمج تقنية التوأم الرقمي مع خوارزمية تتعلّم من سلوك المستخدم وتتكيّف معه تدريجيا.
- الذكاء الاصطناعي والمريض ... شراكة علاجية
أكد الفريق البحثي أن نجاح هذا الابتكار يعود إلى مبدأ "التكيّف المشترك بين الإنسان والآلة"، حيث يتشارك المستخدم والذكاء الاصطناعي في اتخاذ القرارات العلاجية الذكية، مما يمنح المرضى درجة أعلى من التحكم والمرونة.
وقال كوفاتشيف في ختام تصريحاته: "إن تقنية التوأم الرقمي تمثّل حجر الأساس في تمكين هذا التفاعل الذكي، وتفتح بابا جديدا في الرعاية الطبية الشخصية لمرضى السكري".
- ما هو البنكرياس الاصطناعي؟
يُعد البنكرياس الاصطناعي جهازا طبيا متطورا يحاكي وظيفة البنكرياس الطبيعي، ويعمل على ضبط مستوى السكر في الدم أوتوماتيكيًا لدى مرضى السكري من النوع الأول، من خلال توصيل دقيق ومحسوب للأنسولين حسب احتياجات الجسم.