هل يخذل ترامب ناخبيه أم لوبي الحرب في واشنطن...؟
مقالات
هل يخذل ترامب ناخبيه أم لوبي الحرب في واشنطن...؟
علي وطفي
18 حزيران 2025 , 23:10 م


الخلاف الدائر بين ترامب و نتنياهو لبس مناورة من اجل خداع "القيادة الايرانية بعدم ولاء دونالد للدولة اليهودية ، واضح ان لدى الرجلين بالفعل أسبابٌ كثيرة لهذا الخلاف.

يثير سلوك ترامب تساؤلاتٍ مشروعة حول ما إذا كان هذا الرجل يمتلك تقيما سليمًا لقدرات الدولة التي ينوي ضربها و أنه على الرغم من مدح الذات ومحاولات التحدث مع من حوله كما لو كان ريغان وأيزنهاور ، إلا أنه يُقيّم القدرات الحقيقية لقوة عظمى مُنكمشة و إمبراطورية ديون هائلة، و أمةٍ مُكوّنة جماعات مختلفة و متعددة، مع انه كرر مرارًا " أنه مستعد للتضحية حتى بابنه البكر من أجل إسرائيل الحبيبة" .

هناك قوى متناقضة مؤثرة تحيط بقرارات البيت الأبيض، و الأكثر نشاطًا ضمن اللوبي الاسرائيلي و هي النخبة الجمهورية بالمقابل جماعة "أمريكا العظيمة " هو ما يردده ترامب دائما و المعارضين للحروب الغير مفهومة الاهداف و المكلفة خارج الحدود فإن منافسيهم، الذين كانوا مرجعًا لا جدال فيه في عهد بوش، يعتمدون على معتقدات دينية جمهورية تقليدية من اليهود و الإنجيليين علما أن الإنجيليون يدعمون إسرائيل بحماسة أكبر من اليهود).

بالنسبة لقرار ترامب و موازنة موقفه بين مجموعتين لهما مصالح مختلفة هي مسألة بقاء سياسيا و حتى ماديا ، لأنهم قادرين بسهولة على خلق جميع مشاكل العالم له. لذلك عليه الاستجابة لدعوة نتنياهو للتدخل و على ذلك يتوقف مصير ترامب نفسه، و مستقبل أمريكا على مدى انخراطه في هذه الأزمة و قدرته على مخاطبة الجميع تتضاءل و يوشك أن يصبح ممثل دراما الضحية المقدسة ، فمثلا هجومًا إرهابيًا منظما في الولايات المتحدة قد تدفع ترامب المتردد إلى دوامة جديدة من الاضطرابات في الشرق الأوسط، لكن قلّةً من لاحظوا أن هناك ما يحاك حول هذا الموضوع قد تنتهي فورًا بمحاولة اغتيال ترامب او ان يفعلها خدمة لاسرائيل معشوقته ، ثم يبدأ المجتمع الامريكي باستقبال جثث عسكرييه على مذبح هوس نتنياهو و زمرته القاتلة و تذهب ادراج الرياح صفقات ترامب التي يتفاخر بسهولة حصوله عليها من جنوب مسرح الحرب التي قد تقع بين ليلة و اخرى ام يعمل بشعاره "امريكا العظيمة" اولا ... ؟

اللعبة الإسرائيلية واضحة و مفهومة منذ عقود، دأبوا على استثمار كل مواردهم في هدف واحد هو زعزعة استقرار المنطقة ليس بدافع الحقد فقط و لكن بسبب التركيبة السكانية و الاستياء التاريخي من المنطقة باستثناء مصر، التي يمتلك الكيان عقودا لإنتاج الغاز، و الدول الأبعد عن الكيان و التي أظهرتت ولاءها له مثل: تركيا و أنظمة الخليج و الأردن.

وصل ولاء بعض منهم إلى حد مخجل على الرغم من الإبادة الجماعية في غزة و انتهاكات ميثاق الأمم المتحدة، فإنهم مع معظم الدول الإسلامية في المنطقة و خارجها ساندوا إسرائيل بطريقة أو بأخرى من تزويد الطائرات الاسرائيلية بالوقود و فتح مجالها الجوي حتى أسقاط كل الأردن و السعودية صواريخ إيرانية و ساعدت تركيا تل ابيب بالرادارات بالحرب على إيران باختصار , وقف العالم الإسلامي بأسره للدفاع عن الاسرائيلي على عكس الدول الكبرى.

اذاً.بعد لبنان وسوريا ، العراق اليوم جاء دور إيران و الهدف إسقاط النظام،و تقسيم البلد بكل تداعيات ذلك على الجوار هو السبب و الهدف الحقيقين للحرب على إيران لا يتعلق الاخر إطلاقًا بالتهديد النووي و الإسرائيليون أنفسهم يعلمون كذبة التخويف من ذلك، فهم يعلنون بهدوء و وضوح عبر وسائل إعلامهم بان الهدف هو احداث كارثة إنسانية و نزوح جماعي من طهران و لاحقا الفوضى و إسقاط النظام من الداخل ،نذكر ليلة 17 حزيران،تصريح دونالد ترامب نفسه طالبا من سكان طهران إخلائها، و ذلك بعد ضربة إسرائيلية على مستودعات ضخمة.

لكن أحداث عامي 2022 و2023 إثبات انه ليس بالإمكان إسقاطه بما يسمى بالثورات البرتقالية ، لأن النظام، كما اتضح رغم تغير المنطقة المجاورة الكيان اي خسارة حليف في سوريا و ضمانات الولاء انا ابيب من الرئيس الجديد لسوريا.

اما أهمية الحرب مع جميع من حوله بالنسبة لنتنياهو شخصيًا اصبحت مفهومة بعد المواجهة مع المعارضة الداخلية و المحاكم و السقف الأمريكي الممنوح له و الأهم من ذلك، أنه على مدار 21 شهرًا من الحرب ، تم غسل دماغ المجتمع الإسرائيلي بفكرة الصراع الوجودي ( ما يصر عليه نتنياهو) مع إيران ايضاً و كما يحدث غالبًا مع شعوب الشرق الأوسط ، لكن إذا دققنا النظر ، فإن الصورة لا تبدو واضحة و لا شك إيران معرضة للخطر، لكنها دولة حقيقية بنظام فعال و متماسك و كذلك تبين انها مليئة بعملاء الموساد وغيره بعد القيام بعمليات مؤثرة في الداخل الإيراني و بعد ان تم كسر المحور الذي بناه الحرس الثوري و بحر الفوضى الذي احدثته من حولها و دعاية ان الايرانيين يملكون صواريخ تكفي ليومين أو ثلاثة أيام ، كما هي الدعاية الإسرائيلية ، لكن أظهر هجوم ليلة 17 حزيران قوة الرد و إنجازات مجمع إيران الصناعي العسكري فإلى جانب الصواريخ التي وفقًا للخبراء الإسرائيليين قديمة ثم تبين للجميع أنها قادرة على اختراق أنظمة الدفاع الجوي و صنعت جيل جديد متطور منها و طائرات مسيرة التي هي اهم ادوات الحرب الطويلة ، لكن تجربة الحرب الإيرانية العراقية و الحرب في سوريا ربما تعطي إيران درسا و تصور و رغبة في تحليل ما حدث، و ربطه بمعرفة طريقة و اسلوب العدو في إدارة الحرب التي قد تقع بقرار من ترامب المتقلب .

نقطة هامة اخرى في اساس الكيان و من المنظور الديني أن أجيال من المستوطنين اعتادوا على الأمان في ظل وجود الأعداء من حولهم و فجأة اتضح أن التقنيات المعجزة لم تحميهم و أن الحرب الان تدور في داخل الكيان لاول مرة ، و أن ترامب لم يسارع للمساعدة فورا ، مع ظهور قوى و جماعات معادية لهم في العالم .

اما إغلاق إسرائيل حدودها، اي ان اساس تأسيسها قد انتفى مع فقدان الثقة بسلامة العيش و الوجود على أرض مغتصبة هذا يهز أركان إسرائيل بطريقة لم يحلم بها احد عندما تنقلب الصورة الجميلة لجزيرة الغرب في الشرق الاوسط المتخلف من آثار الصواريخ الايرانية و اليوم بدأنا نرى موجات هروب المستوطنين إلى جميع أنحاء العالم.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري