إتفاق ما قبل العاصفة
مقالات
إتفاق ما قبل العاصفة
حليم خاتون
27 حزيران 2025 , 18:01 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

في لحظة ما قبل وقف إطلاق النار، طلب الأميركيون والاسرائيليون وقف الحرب، فقبلت إيران...

تنفس الخليجيون الصعداء لأنهم نجوا من محرقة ما كانت لتبقي فيهم أثرا لحضارة بعد ان تيقنوا انهم ليسوا اكثر من قطيع بقر ساق نفسه بنفسه الى هذا الوضع بفضل عبقرية حمقاء تميز بها كل ما يسمى عرب الاعتدال الغبي...

حتى الروس الذين يستفيدون من انشغال الغرب نظريا في الشرق الأوسط عن أوكرانيا، أرادوا وقف الحرب...

لماذا قد يريد الروس وقف هذه الحرب؟

هذا له علاقة بالأوليغارشيا الروسية التي تتألف بمعظمها من اليهود الروس او حتى من الروس الذين لهم مصالح اقتصادية ضخمة حصلوا عليها من النهب أثناء الخصخصة أيام بوريس يلتسين واستثمروها في غوش دان في فلسطين المحتلة تحديدا...

رأوا بأم العين كل هذا يتحطم تحت ضربات الصواريخ الإيرانية...

الصينيون الذين وقفوا بقوة مع باكستان ضد عدوهم اللدود الهندي، لم يبدوا الحماسة نفسها مع إيران...

الصين تملك استثمارات ضخمة في فلسطين المحتلة يمكن الحفاظ عليها فقط عبر وقف إطلاق النار...

أيام الثورة الماوية والأممية والوقوف مع شعوب العالم دفنتها مصالح الصين التجارية التي لا تعرف لا مبادئ ولا قيم ولا أخلاق...

الإسرائيليون أرادوا وقفا لإطلاق النار لأنهم لم يتوقعوا أن تكون إيران بهذه القوة، وهذا التصميم...

راهن الإسرائيليون على ضرباتهم الأولى واعتقدوا أن النظام ضعيف جدا وسوف ينهار بعدما رأوه من تهرب إيراني منقطع النظير من المواجهة منذ السابع من أكتوبر...

في الحقيقة لم يبالغ الاسرائيليون حين قيموا الصبر الاستراتيجي الإيراني ضعفا؛ لانه كان في حقيقة الأمر ضعفا وخوفا من المواجهة لم يتحول إلى قوة ضاربة الا بعد أن صار ظهر الإيرانيين إلى الحائط مباشرة...

لم يعد باستطاعتهم التهرب أكثر ولا التراجع...

حتى الفأر عندما يُحاصَر من كل النواحي، يقاوم وقد يعض...

لهذا قاتل النظام الإيراني أخيرا، بهذه الشدة...

إسرائيل التي رأت إيران لا تقاتل وهي لديها حلفاء اقوياء، ظنت أن إيران لن تقاتل بعد أن فقد معظم حلفائها قوتهم بسبب التشرذم والفرقة داخل محور المقاومة بينما اصطف حلف الناتو صخرة صلبة واحدة إلى جانب إسرائيل في كل المعارك وعلى كل الجبهات...

ثم أن إسرائيل معتادة على هذا في حروبها مع العرب...

في كل مرة تتلقى فيها ضربات، تذهب إلى هدنة ريثما تعيد تسليح نفسها وتعيد رسم الخطط لضرب الطرف المواجه الذي لا ينفك يصدق ويتعرض للخداع من نفس الجحر الف مرة...

في هذا لم تكن إيران استثناء...

أمس فقط، سُجل هبوط أكثر من عشرين طائرة عملاقة آتية من كل الغرب والقواعد التابعة للناتو...

من المؤكد أن هذا الجسر الجوي لم يكن يحمل الفستق...

الغرب يعيد تذخير القبب الحديدية للدفاع عن الكيان بعد أن استنفذ هذا الأخير كل المخزون...

كذلك تفعل السفن الأميركية التي لا تستطيع إعادة التذخير الا بالعودة إلى اقرب المرافئ في السعودية والإمارات والبحرين، حيث يستقبلها الاشاوس من الأعراب للخدمة بطاعة العبيد....

الأمر نفسه يسري على القواعد الفرنسية في ابو ظبي والأردن، والبريطانية في قبرص والخليج، والألمانية في الأردن والبحر المتوسط...

لا يختلف الأمر اليوم عن كل مرة...

إسرائيل كانت مهددة بنقص صواريخ الاعتراض من كل الطبقات الجوية...

هي سوف ترجع إلى الهجوم بمجرد إعادة تذخير بطاريات الصواريخ، وإعادة رسم الخطط وفق ما استجد بعد اندلاع الحرب...

إسرائيل تعرف ان ضرباتها لم تكن قاضية؛ كما أن أهدافها لم تتغير:

يجب تغيير النظام في طهران لكي تكتمل حلقة إسقاط الدول السبع وفق الخطة منذ ما قبل غزو العراق...

ترامب أراد وقف النار لأنه يتعرض لضغوط داخل الحزب الجمهوري من جماعة MAGA التي ترفض أن يموت أميركيون من اجل إسرائيل...

ثم أن إسرائيل ألحّت في الطلب من ترامب إنقاذها من الضربات الإيرانية التي فاجأت حتى محور المقاومة نفسه الذي رأى أن إيران عندها من السلاح ما كان يكفي لقصف إسرائيل منذ مهاجمة القنصلية الإيرانية في دمشق، لكنها لم تفعل...

لماذا تفعل، بينما يستميت العرب في الدفاع عن الكيان...

ليس دفاعا عن بشار الجبان الذي لم يطلق طلقة ضد إسرائيل؛ لكن الرجل كان محقا على الأقل حين أجاب الإيرانيين أن عليهم الدخول في الحرب قبل طلب ذلك من نظامه الغبي الجبان...

هل انتهت الحرب؟

انتهت الجولة الأولى من هذه الحرب مع إيران...

لقد فرض المشروع الاستعماري الغربي هذا الكيان الاستيطاني على كل شعوب المنطقة...

شاءت هذه الشعوب ام أبت، تتواجد كلها في خندق واحد في هذه المرحلة لمنع هذا الغول من السيطرة على كل المنطقة...

النظام والشعب السوري العاجز "يفش خلقه" بالوحشية ضد الاقليات؛ تماما كما الرجل العاجز جنسيا الذي ينتقم بقتل الأطفال والضعفاء...

لا يختلف النظام الرسمي العربي كله عن النظام السوري، مجموعة من المخنثين الراكعين الساجدين يسبحون لأميركا ورب أميركا وإسرائيل...

اذا نجح الغرب بإخضاع إيران، سوف تخضع تركيا تلقائيا...

اردوغان لا يجيد سوى النباح...

لمعرفة بوصلة إسطنبول يكفي للمرء متابعة أقنية الإخوان المسلمين والجماعات التكفيرية التي لا تتوقف عن مهاجمة إيران لعدم دفاعها عن الفلسطينيين في الوقت الذي يقطعون هم طرق إمداد من يدافع عن فلسطين ويساندون أعداء محور المقاومة تحت عناوين حقيرة خسيسة من مثل ضرب "الظالمين بالظالمين"... كل هذا لإخفاء مدى عجزهم وخيانتهم وذلهم وتبعيتهم لانظمة الدولار او العصبية المذهبية ضد الأخ في الدين تزامنا مع الركوع لبني صهيون في كل البلاد العربية دون استثناء...

هل سوف تدافع إيران عن نفسها؟

كل الدلائل تشير أن إيران تمشي خطوة خطوة نحو فرض نفسها دولة إقليمية كبرى...

يكفي ان تخرج إيران بانتاج القنبلة النووية حتى تتحول إلى سيد المنطقة دون منازع حتى لو نبح كل اهل النظام الرسمي العربي ومعهم اردوغان الذي يعادي إسرائيل فوق الطاولة ويتعاون معها في السر كما فعل في غرفة الموك بعمان، وكما فعل في درعا، وكما يفعل اليوم في سوريا وكما ينوي نفس الفعل في لبنان...

هل انتهت الحرب في فلسطين ولبنان؟

هذا سؤال كبير يحتاج إلى رجال من طينة يحي السنوار ومحمد الضيف؛ يحتاج إلى رجال من طينة السيد الشهيد حسن نصرالله...

بعد اختفاء هؤلاء القادة التاريخيين، على طلائع المقاومة في الشعبين اللبناني والفلسطيني العمل لحرب مقاومة شعبية لا تنتهي ولا يجب أن تنتهي قبل نهاية الكيان...

من يمنّي النفس بالوصول إلى حلول وسط مع الوحش سوف يفترسه هذا الوحش...

لن نكون احرارا ابدا طالما نحن نخضع لاميركا والغرب ويفتش بعضنا عن صداقات مع شرق اثبت انه لا يحترم الضعفاء...

قتالنا ضد الكيان سوف ينتج ملايين الشهداء، عشرات الملايين من الضحايا...

لا يوجد سبيل آخر...

جرّب السيد نصرالله ممارسة تكتيك منع قصف بيروت والمدنيين، فكانت النتيجة وضع كل لبنان تحت الهيمنة الإسرائيلية...

في هذا الصراع لا حلول وسط...

إما أناس على شاكلة شارل جبور ويوسف خوري ورامي نعيم وبقية أولاد الكلب...

وإما القتال كما فعل الشهيد مغنية وبدرالدين...

لا حلول وسط مع هذا العدو...

المستقبل إما اسود مليء بالدم الذي يستحيل اسودَ بالذل والمهانة...

وإما ابيض ينمو في أرض سقتها دماء حمراء لم تبخل بذل الأرواح حتى طرد آخر محتل غربي او عميل لهذا الغرب اللعين...

المصدر: موقع إضاءات الإخباري