محاولة فك شيفرة إعلان ترامب وقف إطلاق النار
مقالات
محاولة فك شيفرة إعلان ترامب وقف إطلاق النار
عدنان علامه
28 حزيران 2025 , 10:33 ص

بقلم: عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

في ذروة التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، جاء إعلان دونالد ترامب المفاجئ عن وقف لإطلاق النار، دون أي بنود مكتوبة، كحدث استثنائي يصعب تأطيره ضمن السياقات الدبلوماسية المعتادة. فإعلان ترامب، الذي لم يتجاوز كونه تصريحًا سياسيًا شفهيًا مقرونًا بجدول زمني للتنفيذ، كشف عن وجود حالة ذعر داخل مراكز القرار العسكري الأميركي، وتحديدًا الدولة العميقة، التي وجدت نفسها أمام معادلة جديدة فرضتها سرعة الرد الإيراني. فكيف تكشفت هذه اللحظة؟ ومن حرّك ترامب؟ ولماذا لعبت قطر دور الإطفائي الإقليمي؟

#فجر 15 حزيران: أمريكا تُنفّذ العدوان بدلًا من إسرائيل

في فجر يوم 15 حزيران/يونيو 2025، نفّذت الولايات المتحدة غارات جوية بواسطة طائرات B-2 الشبحية استهدفت منشآت نووية إيرانية حساسة، أبرزها في نطنز وفوردو. الضربة جاءت بتنسيق مع إسرائيل، لكنها جرى تنفيذها أميركيًا بالكامل، وسط تقديرات داخل الدولة العميقة بأن هذا الهجوم قد يُضعف الرد الإيراني المرتقب على تل أبيب ويمنحها فرصة للانسحاب من حافة الانهيار الداخلي.

#فجر 18 حزيران: قاعدة العديد تحت نيران إيران

لكن حسابات البنتاغون سرعان ما اصطدمت بالحقيقة الميدانية. فبعد أقل من 72 ساعة، وفي الساعة 1:30 من فجر 18 حزيران، شنّت إيران هجومًا دقيقًا على قاعدة العديد الأميركية في قطر – وهي القاعدة الأهم في منظومة القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM).

الهجوم أحدث صدمة استراتيجية: إصابات مؤكدة، خلل استخباراتي، وذعر من امتداد الهجمات إلى قواعد أميركية في البحرين والكويت والإمارات.

#مساء 19 حزيران: ترامب يتدخّل بتكليف عاجل

في الساعة 7:00 مساءً بتوقيت واشنطن (2:00 فجر 20 حزيران بتوقيت الخليج)، خرج ترامب ببيان فوري يعلن فيه وقفًا لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل، دون أي تفاصيل مكتوبة أو اشتراطات.

وهذا التدخّل جاء بتكليف مباشر من الدولة العميقة، التي رأت أن وجود ترامب في الواجهة – بشعبيته في إسرائيل وصلاته بالإعلام – كفيل بفرض هدنة إعلامية وسحب الذرائع الميدانية من الطرفين.

# قطر: الوسيط الذي أنقذ الموقف

خلال هذه الساعات الحرجة، لعبت قطر دور الوسيط الأساسي. بفضل موقعها الحساس كدولة تستضيف القواعد الأميركية، ولعلاقاتها المفتوحة مع طهران، تحوّلت الدوحة إلى غرفة تنسيق إقليمي، نقلت رسائل وتطمينات شفوية إلى إيران، مفادها أن الضربة الأميركية كانت "عرضًا منفردًا" لن يتكرر.

وسّعت قطر من نطاق الوساطة لتشمل تركيا كضامن إقليمي، وساهمت في صياغة ما يشبه "اتفاق تهدئة غير معلن".

# التسريبات: بنود شفهية خلف الإعلان

رغم عدم صدور وثيقة رسمية، تشير تسريبات دبلوماسية إلى أن وقف إطلاق النار تضمّن:

1- وقفًا فوريًا لجميع العمليات العسكرية الجوية من الطرفين.

2- تعهدًا أميركيًا بعدم قصف المنشآت النووية مجددًا.

3- إمتناع إيران عن استهداف القواعد الأميركية ما لم يُستأنف العدوان.

4- فتح قنوات غير مباشرة لمفاوضات ميدانية عبر الوساطة القطرية.

5- تعليق أي تحضيرات إسرائيلية لعمل بري أو توغل أو إعتداء جوي داخل إيران.

6- ضمان تركي قطري لآلية ضبط التهدئة.

# خلاصة تحليلية

لم يكن إعلان ترامب لحظة تسوية، بل تدخّلًا طارئًا من أجل احتواء انفجار استراتيجي كان سيتدحرج إلى حرب مفتوحة تشمل الخليج بكامله.

الدولة العميقة، التي أشعلت العدوان لإنقاذ إسرائيل، فوجئت بجرأة الرد الإيراني، واضطرت لاستخدام ترامب كواجهة للتهدئة.

الهدنة لم تُفرض من تفاهم، بل فُرضت من توازن الردع الجديد الذي أرساه استهداف قاعدة العديد.

لقد أنقذت قطر المشهد من انهيار أمني شامل، لكن هذا لا يلغي احتمال عودة التصعيد إذا ما تكررت الحسابات الخاطئة، أو إذا اختارت إسرائيل خرق التهدئة تحت غطاء جديد.

وإنَّ غدًا لناظره قريب

27 حزيران/يونيو 2025

المصدر: موقع إضاءات الإخباري