هل يستفيد بوتين من الدرس الإيراني؟ ولماذا لا نتعلم من الحوثي؟
مقالات
هل يستفيد بوتين من الدرس الإيراني؟ ولماذا لا نتعلم من الحوثي؟
ميخائيل عوض
28 حزيران 2025 , 15:26 م

٢٨/٦/٢٠٢٥

كتب الدكتور ميخائيل عوض:

1

في الحرب الجارية منذ الطوفان العجائبية وقد اكتسبت صفة حرب كبرى وإقليمية ووجودية، والمسرح الأهم للحرب العالمية العظمى الجارية على كل المستويات، وفي جبهة محور المقاومة نلحظ تجربتين رائدتين محكمة التنظيم والأداء وقد انتزعت انتصارات مرموقة ولم تكن في عين الاعتبار.

بينما أربع تجارب وساحات تبين أنها بعكس حملات الدعاية والاعتداد بالنفس منخورة حتى العظم ومرتبكة بل أكثر هلامية، استعاضت بالهوبرات الكلامية على الاستعداد الجدي والتجهيز والقتال في الحرب.

2

جولة العصف مع إيران كشفت الكثير والأخطر ومنها تستخلص دروس مؤسسة في حروب الجيل السادس والسابع باعتبارها الأهم للمسارح الأخرى التي انكشفت أعطابها القاتلة.

الحرب مستمرة ومستعرة ولن تقف قبل أن يُدفن النظام والعالم القديم وتتم ولادة العالم الجديد، أو تباد البشرية وتعود إلى العصر الحجري! وتنتقل من مسرح إلى الآخر لابديل عنها ولا أساس لتسويات وصفقات وترتيبات طويلة الأمد وإن تخللتها بعض الهدن.

الحرب تضرب في النخاع الشوكي للعالم الانجلو ساكسوني وتنتشر في كل الأنحاء وفي الجانب الأهم منها والمقرر جارية في واشنطن، وحيث بلغ وهيمن نموذجا العولمة المأزومين والمترنحين، وكل فصل أو مسرح مهما كانت نتائجه ينعكس هناك ويعود بانعكاسات إلى الساحات والمسارح وهكذا.

كل فهم أو بحث أو تعاط معها بغير هذه الرؤية ربما ستكون قاصرة وعاجزة عن الإحاطة والفهم فالعالم منذ عقود أصبح قرنه كونية ويتأكد.

3

روسيا وبوتين شخصياً ونخبته أكثر المعنيين باستخلاص الدروس. وإلا فالخطر داهم ونموذج إيران في الحرب ماثل وربما بأخطر وأوسع وأكثر عمقاً وتأثيراً ويهدد بقاء روسيا وليس فقط إلحاق الهزيمة بها.

وروسيا نفسها كانت كشفت عن تباطؤ في فهمها وتكيفها مع الحرب بما وصفنا، فبدأتها عملية خاصة وفوجئت بتحولها إلى حرب شاملة. أرادتها سريعة وعاصفة فصارت عالمية وتطول، والأخطر أنها لم تتجهز لهكذا حروب فاخترقت ببنيتها، ونجح الأعداء بتوجيه ضربات مؤلمة وتكلفت ضحايا وقدرات هائلة.و لو كانت أيقنت أن أي حرب ستكون بطبيعتها والحقبة والأمركة والعولمة ستتحول إلى مسرح من مسارح الحرب العالمية وتعصف وتطول لكانت استعدت ولم تؤخذ غيلة وغدراً وعلى حين غرة بعملية أمنية متقنة، وخسرت بسبب الاختراقات ٤٠بالمئة من طيرانها الاستراتيجي دون أن يتكلف المهاجمون خسائر تذكر.

إيران لم تدرس الحرب الأوكرانية ولا استفادت منها، برغم أنها شاركت بخبراء وبطائراتها المسيرة كما شاع.

4

كما أن إيران لم تتعلم من درس لبنان، ولا أدركت الأسباب والعوامل التي أدت إلى اختراق حزب الله للعظم وتلقيه ضربات كاسرة مميتة أقعدته عن الاستمرار بحرب الإسناد، ولا تعرفت عن قرب وبواقعية للأسباب التي أدت إلى انهيار عاصف ومفاجئ للنظام السوري، ولا أعادت النظر بنتائج تجربتها الكارثية في العراق وكيف تم لجم ما كان يسمى أذرعها القوية وإخراجها من المعادلة، وسيطرت إسرائيل بلا أثمان على سورية والعراق واستخدام جغرافيتها ومطاراتها لتوجيه ضربات مؤلمة لإيران.

5

الدروس المستفادة تكون بالمقارنة بين صلابة وأداء حماس والفصائل في غزة، وأداء وصلابة الحوثيين وقدرة المسرحين على القتال وتكبيد الأعداء أثمان هائلة بل إلحاق الهزائم.

قوة نموذج غزة واليمن تستخلص من أن نفس العدو ونفس التحالف ونفس المخططين ونفس الأسلحة وأكثر ولمدة أطول صبت كل ما لديها وبشراكة أمريكية لعشرين شهر ومازالت في غزة تقاتل وتكبد خسائر ولم ترفع راية بيضاء ولا استسلمت، ولذات المدة في اليمن وقد هزم اليمن حلف الازدهار وأمريكا باشتباك مباشر لسبعة أسابيع وليس لضربة أمريكية واحدة وبليلة ولا لـ ١١ يوما مع إسرائيل!

6

عجائبية غزة وأسطوريتها كنموذج اليمن في الفرق بالمساحة وعدد السكان والإمكانات والقدرات التي توفرت للبنان وسورية والعراق وإيران بالمقارنة مع غزة واليمن؟؟!!.

7

هي عجائبية وأسطورية لكنها من صنع الإنسان.

فغزة صاحبة القضية ورجالها أساطير مؤمنين عازمين على النصر بأي ثمن.

اليمن عربية وإسلامية والحكمة والإيمان وغزة قضيتها في الصميم.

غزة واليمن طهروا أنفسهم من رجس الخيانة والخونة في البنية الجهادية وفي البيئة الحاضنة حتى في الثقافة والميول والتفضيل. وتمت تصفية البيئة من جماعات الـNGOs ومن أنصار العولمة والأوربة والأمركة، ومنعوهم وحرموهم من أي موقع أو مكانة. وتم في غزة واليمن تحشيد الناس بالتظاهرات والتعبئة السياسية والعقائدية، ولم تساوم القيادات ولا قبلت الاملاءات ولا صافحت الجواسيس وخدم الأمريكي والإسرائيلي والأوروبي.

8

توعية وحشد شعبي وتعبئة وتخوين من يناصر أو يحبذ أو يروج للمفاهيم والنموذج الأمريكي والإسرائيلي والعولمي والأوربة.

نَظم وتهيئة البيئة وحشدها ورفع منسوب وعيها السياسي، وتحصينها من مخاطر الارتزاق والفساد والافساد والولاء للغرب وقيمهم، وعدم تشريع مبدأ قبول إسرائيل والتعايش معها.

هل تلمسنا شيئاً من هذا في لبنان والتوافقية والحوار والتشاركية؟! وكذا في العراق والأخطر في سورية؟! فإن من تسلم الملفات الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والحزبية كانوا جميعاً أنصار الأمركة والأوربة وطبقوا وصفاتهم باحترافية...

هنا تكمن الأسباب؟

فهل يتعلم بوتين الدروس أو يسوق روسيا إلى ذات المصير؟

أما الصين وكوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا فتجاربهم أشبه بغزة واليمن ويستمرون ويثبتون ولن يهزموا غداً؟

العبرة لمن اعتبر وإلا فقد ساق نفسه إلى التهلكة والقول حق؛ الذكي من يتعلم من تجارب الآخرين؟!

إنها أحكام الأزمنة ومنطق التاريخ وحاجاته التي لا ترد.

الاشتراك بقناة "الأجمل آت مع ميخائيل عوض" ليصلكم كل جديد لحظةً بلحظةً على منصة youtube على الرابط:

https://youtube.com/channel/UCobZkbbxpvRjeIGXATr2biQ?si=b1NslvJHyrbXGHjv

المصدر: موقع إضاءات الإخباري