كتب الأستاذ حليم خاتون:
فشلُ العدوان الأميركي / الاسرائيلي على إيران وجه صفعة قوية إلى مشروع الشرق الأوسط الجديد حيث يكون الكيان الصهيوني مركز هذا الشرق اقتصاديا وماليا، بالإضافة إلى كونه القوة العسكرية المركزية، ناهيك عن كونه القوة النووية الوحيدة في كل هذه المنطقة بفضل مشيخات الخليج الغبية التي تآمرت لإسقاط الإتفاق النووي دون ذكر ولو كلمة واحدة عن الترسانة النووية الصهيونية...
بعد عدة انتصارات موضعية، أفشلت إيران مؤقتا والى حين، المشروع الأميركي الذي بدأ منذ أكثر من ثلاثة عقود لفرض شرق أوسط جديد يقوم حسب تسريبات الجنرال الأميركي كلارك على ضرب سبع دول في المنطقة عبر تغيير انظمتها هي العراق سوريا لبنان السودان مصر ليبيا وإيران...
وجهت دولة ولاية الفقيه في إيران ضربة إلى دولة ولاية السفيه في أميركا، فعاد بعض التوازن مرحليا الى الشرق الأوسط في الجانب الإيراني على الأقل بعد أن استطاعت أميركا خرقه عبر إسقاط النظام السوري بمساعدة ضمنية من ذراعيها القطري والتركي مع غض نظر، وربما حتى مشاركة روسية لقاء وعود إبليس في الجنة الأوكرانية...
الرد على هذا الفشل بالنسبة الى السفيه الأميركي سوف يكون بالعودة إلى استكمال ضرب ما تبقى من محور المقاومة في سبيل إعادة تجميع قطيع البقر والغنم الإبراهيمي بعد إعادة تجميل وجه الذئب الاسرائيلي الذي لا يمكن ان يحصل الا بعد استكمال إخضاع المقاومة في لبنان وغزة، وربما معاودة محاولة ضرب إيران...
فشل العدو في النيل من اليمن عوضه بالسيطرة الكاملة على سوريا وتحويل هذا البلد الى مجرد زاروب يدخله الجيش الصهيوني متى يشاء حيث بات معروفا أن الموساد افتتح لنفسه مكاتب في فندق الشيراتون في دمشق...
الجماعات الإسلامية التي استفادت من شراء قطر لذمم مجموعة من الضباط السوريين ودخلت إلى دمشق على موتوسيكلات تركية أخرجت أمس آخر طبعة من خارطة سوريا السياسية: الجولان لم يعد على هذه الخارطة... حتى مدينة القنيطرة لم تعد جزءا من الوطن السوري!!
عجزُ جماعة الإخوان المسلمين وبقية تنظيمات إبن تيمية من خريجي الجامعة الإسلامية في تل أبيب عن منع تلك السيطرة الصهيونية في سوريا انعكس مجازرا ضد الأقليات تحت يافطات جاهلية تعود الى القرون الوسطى...
قام هؤلاء بتفجير كنيسة وقتل المصلين رغم كل الآيات القرآنية التي تدعو الى احترام أهل الكتاب...
أهل الكتاب عند جماعات قطر وتركيا هم فقط اليهود الصهاينة الذين يذبحون المسلمين في فلسطين وفي كل البلدان التي يسيطرون عليها...
تفتقت عبقرية هؤلاء الهمج العاجزين عن مواجهة إسرائيل على مهاجمة خيم عاشوراء وتخريبها ونشر الإرهاب الفكري...
من المضحك المبكي أن يهرع هؤلاء الرعاع يتهمون الأقليات انهم شبيحة نظام بشار وهم يغطون وجوههم حتى لا يعرف الناس هويتهم الصهيونية الحقيقية...
ثم يخرج بعض الأغبياء في قناة مكملين الإخوانية لمهاجمة إيران التي يعتبرون انها لم تكن جدية في مساندة المقاومة في غزة؛ ولا يقول هؤلاء كلمة واحدة عن قطع طرق الإمداد عن المقاومة اللبنانية التي دخلت الحرب إسنادا لغزة، وتلقت ضربات ضخمة بسبب ذلك مما أجبر هذه المقاومة على وقف النار بشروط مجحفة بفضل انتشارهم على حدود لبنان بعد هروبهم من كل الجنوب السوري وتركه للغطرسة والبلطجة الإسرائيلية...
شكرا قطر...
شكرا تركيا...
لقد جعلتم سوريا أضحية السبت اليهودي...
بعد أقل من ٤٨ ساعة على خروج الإسرائيليين من الملاجئ ورؤيتهم لمدى قوة التدمير الإيرانية التي حولت تل أبيب إلى صورة من دمار يكاد يشبه غزة، اضطرت حكومة الفاشية الصهيونية لمهاجمة لبنان في محاولة لاستعادة ثقة المستوطنين بها...
لم يعد الناس هنا يطرحون أسئلة عن الأخطاء المميتة التي ارتكبتها قيادة المقاومة اللبنانية حين قبلت الإنسحاب من جنوب الليطاني دون ربط ذلك بانسحاب إسرائيلي متزامن من كل لبنان والالتزام الكامل بوقف إطلاق النار...
لم يعد الناس يتساءلون عن هوية العبقري الذي حول كل دماء الشهداء الذين اذاقوا العدو مر العلقم طيلة واحد وستين يوما إلى مياه مالحة موبوءة هي الأكثر إذلالا في تاريخ الشعب المقاوم منذ أن رفع العربي رأسه طيلة ثلاث عقود من حرب التحرير الشعبية...
كل الحديث عن إعطاء الحكومة والديبلوماسية اللبنانية فرصة، ليس إلا تعبيرا آخر عن الخيبة التي تسببت بها قيادة هذه المقاومة أمام جمهورها...
لم تقم هذه القيادة بواجبها في الدفاع عن كل شبر من لبنان لأنها تصرفت كجيش مهزوم نفذ كل الشروط من طرف واحد بدل ان تتصرف كمقاومة وتستمر في القتال الى حين قبول العدو شروط وقف اطلاق النار، وبدء تنفيذ انسحاب كامل من لبنان...
النتيجة التي وصلنا اليها كانت استسلاما بكل المقاييس لهذه المقاومة كما لو انها جيش، حيث قامت بتسليم كل مواقعها وسلاحها جنوب النهر إلى جيش حكومة تشرف عليها الولايات المتحدة الأميركية المعتدي الأول والأساسي على لبنان...
*المقاومة الاسلامية في لبنان هُزمت لأنها استسلمت...*
تتكرس هذه الهزيمة يوميا عبر داخل لبناني يتماهى مع الأميركي والاسرائيلي ولا يقتصر على عملاء حزب القوات اللبنانية بل وصل إلى وليد جنبلاط الذي تلقى التعليمات من المبعوث الأميركي برّاك فانضم إلى جوقة المطالبة بتسليم المقاومة لما تبقى من سلاح لاستكمال جريمة الإنسحاب الأحادي من جنوب الليطاني...
الحقيقة المرّة هي ان المقاومة استسلمت رغم بطولة المقاتلين الأسطورية...
الحقيقة المُرّة هي ان هذه المقاومة تستعمل رصيدها هند.بسطاء
في غزة حيث المقاومة الفلسطينية أقل قوة بألف مرة من مقاومة جنوب لبنان، لا تزال العمليات جارية ضد العدو، ولا يمضي يوم دون أن يدفع العدو ثمن بقائه على أرض غزة، بينما يقوم العدو كل يوم بمهاجمتنا وقتلنا دون حتى أن تسقط نقطة تعرق واحدة منه...
كل ذلك يجري لأن المقاومة الإسلامية في لبنان استسلمت دون قيد او شرط...
كل ذلك يجري لأن هناك من آمن بنظرية احتواء العدوان لمنع تدمير بيروت...
كل ذلك يجري لأن هناك من لا يزال يتكلم عن انتصارات وهمية وعن القدرة على هزيمة العدو عبر التفاعل السلبي مع الاعتداءات...
كلمة الشيخ نعيم قاسم لا تطرق جوهر الموضوع:
نحن مقاومة على الأرض أم مجرد بلدية ومختار؟
ما نريد أن نعرفه من الشيخ هو أمر واحد فقط:
حتى متى سوف نظل ملطشة لكل أولاد الكلب في الداخل والخارج؟
ما نريد معرفته هو متى سوف نتحرر من الاحتلال الأميركي الذي وصل حد إذلال الناس...
نحن لا يهمنا اذا كان الرئيس بري يعرف المندوب السامي الأميركي برّاك معرفة شخصية ام لا...
نحن لا يهمنا اذا كان برّاك من أصول لبنانية او سورية...
طوم حرب من أصول لبنانية...
وليد فارس "بلا صغرى" طلع من بيضة لبنانية أمس...
الأصول اللبنانية في أميركا لا تعني الكثير...
كل من ترسلهم الحكومات الأميركية من هؤلاء هم أكثر صهيونية من نتنياهو...
بصراحة، بايعكم الناس لأنكم مقاومة... فقط لأنكم كنتم طيلة أربعة عقود مقاومة ترفع الرأس...
في اليوم الذي سوف تتحولون إلى مجرد بوق يعيش على أمجاد هذه العقود الاربعة، عليكم الرحيل بهدوء وتسليم الراية إلى من يستطيع إكمال الطريق بجدارة...
لا نحتاج إلى علي حسن خليل آخر...
نحن لا نعرف اذا كانت جرت مساءلة وحساب...
نحن لا يهمنا أن يحترق العالم كله اذا كنتم سوف تظلون تقفون خلف سلطة فرضها الأميركي بعد أن خدعكم لأنكم أهل سذاجة يمكن خداعكم...
نحن شعب جبل عامل مجبولون بالكرامة ونقول لكم بالفم الملآن:
إما أن تقفوا موقف رجال أو إذهبوا إلى بيوتكم بهدوء...
الإمام من قام...
الفقيه هو من يقوم...
ولاية الفقيه هي فقط ولاية من يقوم...
الفقيه الذي لا يقوم لا يحق له قيادة الناس...
القيادة هي فقط لمن يقاتل...
من سوف يحاسب؟
نحن من سوف يحاسب...
حتى متى علينا الانتظار في هذا الذل المفروض علينا...؟
هل تقوم المقاومة فعلا بإعادة تنظيم الصفوف بعد انهيار منظومة القيادة والسيطرة رغم عدم تأثر الميدان بهذا الإنهيار..؟
المشروع الأميركي الاسرائيلي لم ينته بعد...
هم مخادعون وبكل أسف نحن سذج إلى درجة الهبل...
نطبل ونزمر ونهلل لانتصار إيران ولا نرى الجسر الجوي الذي يعيد تأهيل الكيان لمهاجمة إيران من جديد بالتزامن مع ازدياد الضغط على لبنان لدفعه إلى حرب أهلية...



