نظرية الفتنمة، وقصة الكنبة أمام مكيف
مقالات
نظرية الفتنمة، وقصة الكنبة أمام مكيف
حليم خاتون
4 تموز 2025 , 09:55 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون

من غير المعروف إذا ما كان لدى الدكتور وديع حداد في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي كنبة مريحة من سليب كومفورت أو مكيف سامسونغ او LG...

لكننا نعرف أن الدكتور وديع حداد عبر الحدود على رجليه في إحدى المرات من إحدى الدول العربية الصديقة جدا لأميركا متنكرا في أكثر من زي، ويحكى حتى أنه دخل تل أبيب في زي حاخام أثناء التخطيط لإحدى عمليات الفيلق الأممي داخل فلسطين المحتلة...

( على فكرة... معظم أعضاء الفيلق الأممي الذي نفذ عمليات بطولية من أجل فلسطين وحرية الشعوب كانوا ماركسيين يتهمهم بندر بن سلطان بالإلحاد) (هو نفسه بندر بن سلطان الذي موّل عملية محاولة اغتيال السيد محمد حسين فضل الله مع المخابرات المركزية الأميركية عبر تفجير سيارة مفخخة بمئات الكيلوات من المتفجرات قتلت وجرحت مئات المصلين والمارة في منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية لبيروت)...

لم يكن الدكتور وديع حداد شيخا سلفيا، ولا داعية من جماعة الإخوان المسلمين...

ولد الدكتور وديع في أسرة مسيحية كما الدكتور جورج حبش وكما المطران كبوتشي والمطران حنا اللذان لا يُعرف عن أي منهما أي فتوى للسلام مع مغتصب الأرض والحقوق، كما فعل الكثيرون من شيوخ البلاط سواء تخرجوا من الجامعة الإسلامية في تل أبيب أو من جامعة الأزهر في القاهرة، أو عينتهم وزارات الأوقاف في دويلات موز تدّعي الإسلام، والاسلام منها براء...

لكن الدكتور المتهم من قبل إسرائيل والغرب بالإرهاب، والمتهم من قبل أنظمة دويلات الجامعة العربية الاتقياء جدا بالإلحاد لم يكن على أجندته إلا هدف واحد:

ملاحقة إسرائيل، والغرب الداعم الأول لإسرائيل، في كل مكان وفي كل زمان...

أقام الدكتور وديع علاقات مع كل المنظمات الثورية في العالم واستطاع تنظيم عملية مطار اللد بمساعدة الجيش الأحمر الياباني مع البطل كوزو أوكاموتو الذي تم أسره فقط، (وأشدّد على كلمة فقط)؛ فقط لأنه اصيب بجراح بالغة وهو يستمر بإطلاق النار على كل المستوطنين الصهاينة وداعمي الكيان داخل المطار، فقتل حوالي ٢٧ بينما كان ملوك وأمراء ورؤساء عرب نائمين في حضن تسيبي ليفني...

الدكتور جورج حبش ربما ملك كنبة يوما ما؛ ربما نام في سرير في غرفة مكيفة في ليلة ما؛ لكن الذي يعرف حكيم فلسطين؛ الذي يعرف الدكتور جورج حبش، يعرف أن هذا الرجل شكل ضمير الأمة داخل منظمة التحرير الفلسطينية قبل ان تموت هذه المنظمة بموت الضمير الوطني فيها يوم ذهبت الى مؤتمر الجزائر لتبيع اللاءات الفلسطينية الخالدة التي لم ولا ولن يستطيع إسقاطها لا محمود عباس، ولا أي إبن كلب آخر تعينه الCIA وأنظمة الذل والخيانة في دويلات الموز العربية ...

كان باستطاعة الدكتور جورج حبش السفر إلى أميركا بعد التخرج من كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت...

في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، كان باستطاعة الدكتور جورج حبش الحصول بسهولة على الجنسية اللبنانية كما الكثير من المسيحيين الفلسطينيين أو من الكوادر الفلسطينية المتعلمة...

لكن الطبيب العربي الفلسطيني الشاب المؤمن بحق الشعوب في تقرير مصيرها، آثر الإتجاه صوب تأسيس حركة القوميين العرب مع مجموعة من الشباب القومي قبل ثورة يوليو ١٩٥٢ في مصر...

لم يكن الدكتور جورج حبش جالسا على كنبة أمام مكيف حين أصر في اجتماع قيادات منظمة التحرير الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية سنة اجتياح ال ٨٢ على تحويل بيروت إلى ستالينغراد العرب...

طبعا رفض جميع قادة تنظيمات النايلون هذا الأمر، وقالوا للدكتور حبش إنه في لبنان وليس في فلسطين وهم "مش مستعدين يموتوا!"...

في كل مرة يخرج كاتب او محلل سياسي يدعوا إلى القتال ويرفض وقف إطلاق النار، يخرج عليه كتبة ومحللون من مجتمعات النايلون يعيبون عليه الجلوس على كنبة أمام تلفاز، والتنظير كما يدعي هؤلاء الأبواق الذين لديهم دائما أعذار أقبح من الذنوب التي يرتكبها المحور...

على اساس أن حضراتهم ينامون في الخنادق مع المجاهدين!!!...

ما علينا...

ماذا بعد ما جاء كل حلف الأطلسي لنجدة إسرائيل التي انهارت بفعل السابع من أكتوبر...

ماذا بعد أن تآمر حلف الأطلسي والنظام الرسمي العربي ولا يزال إلى اليوم يتآمر ويريد إنهاء حالة المقاومة في لبنان، وتحويل هذا البلد إلى سوريا جولاني أخرى...

فليسبح جوني منير ومحمد بركات ووليد عبود بحمد محمد بن سلمان كما يشاؤون...

هم أحرار في التبعية لمن يريدون...

لكن بعد كل الذي جرى...

بعد التراجعات الكبيرة والضربات الأكبر التي تعرضت لها أطراف محور المقاومة من حلف الأطلسي ومن النظام الرسمي العربي...

بعد محاولة توجيه ضربة قاضية إلى الركن الأساسي في محور المقاومة هذا، إلى إيران...

بعد التصدي البطولي رغم الهبل الأولي الذي تحكم بمحور المقاومة طيلة أكثر من ستمائة يوم...

يجب أن يخرج هذا المحور من سبات محاولة إيجاد طريقة للكلام مع الأميركيين أو كلاب النظام الرسمي العربي...

الكلام مع الأميركيين يجب أن يكون بنفس لغتهم التي يجيدون...

كلما أمعنوا في ضربنا، علينا العمل على إيذائهم أكثر...

مع هؤلاء لا ينفع غير سياسة الحديد والنار...

مع هؤلاء يجب العودة إلى نهج العنف الثوري الذي لا يسمح لهؤلاء الكلاب الذهاب إلى السرير مساء دون رؤية أطفال غزة في كوابيس يأتون لمحاسبتهم على دورهم في الحصار وفي الإبادة...

تهديد مصالح الإمبريالية أسهل مما يتصور الكثيرون...

يجب الرد على الامبريالية بنفس أسلوبها...

طائرات مُسيرة بسيطة جدا تعيق عمل هذه المصالح وتسبب لها خسائر اقتصادية...

لماذا نسمح لهم عمل ما يريدون في لبنان عبر إفلات الكلب الإسرائيلي علينا للضغط...

نحن أيضا نستطيع الضغط...

هناك الف وسيلة ووسيلة...

فلننسى حزب الله...

حزب الله يخاف من تدمير بيروت ولبنان لذلك يقبل بالمذلة التي تصيبنا كل يوم...

هو حر... أما نحن؛ علينا رفض السكوت بعد اليوم...

نحن يجب أن نرد الصاع صاعين...

في كل مرة تغير مسيرة إسرائيلية،

علينا إرسال مسيرة إلى أي هدف في لبنان والمنطقة يسبب لإسرائيل واميركا وبريطانيا أذى أكبر...

ردا على عنف النظام العالمي الظالم، هناك شرعية كاملة للعنف الثوري ضد مصالح هذا النظام...

دعوا حزب الله يكمل مسلسل التسلية في البرلمان، وداخل حكومة الاحتلال الأميركي...

أما نحن، لن ندير خدنا الأيسر لمن يضربنا على خدنا الأيمن...

هذا عمل نتركه لحزب الله وحركة أمل...

نحن،

علينا أن نرد باقتلاع أعين من يتجرأ حتى على محاولة خدشنا...

علينا إعادة قراءة تاريخنا والتعلم من الدكتور وديع حداد وغيفارا غزة ويحي السنوار ومحمد الضيف...

بأبسط الوسائل، يمكننا تحويل الإقتصاد العالمي إلى ركام...

العين بالعين،

والسن بالسن،

والبادئ يستحق أكثر بكثير من مجرد توجيه تهديدات فارغة لا تسمن ولا تغني عن جوع...

العنف بالعنف...

الخسارة بالخسارة...

انا الغريق فما خوفي من البلل...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري