كشفت دراسة علمية حديثة عن علاقة مثيرة للقلق بين ارتفاع مؤشر كتلة الدهون النسبية (RFM) وزيادة خطر الإصابة بالعقم لدى النساء، ما يسلط الضوء على عامل خفي قد يغيب عن التقييمات الطبية التقليدية.
- الدراسة وأساسها العلمي
اعتمدت هذه الدراسة على تحليل بيانات المسح الوطني الأمريكي للصحة والتغذية خلال الفترة من 2017 إلى 2020، وشملت عيّنة من 1487 امرأة تتراوح أعمارهن بين 20 و44 عاماً.
اللافت في الدراسة هو استخدامها لمؤشر كتلة الدهون النسبية (RFM) بدلاً من مؤشر كتلة الجسم التقليدي (BMI)، إذ يعتمد RFM على محيط الخصر والطول لتحديد نسبة الدهون الحشوية بدقة أكبر، وهو ما يجعله أداة أكثر حساسية في الكشف عن الدهون الضارة المتراكمة حول الأعضاء الداخلية.
- نتائج مقلقة تربط الدهون الحشوية بالعقم
أظهرت نتائج التحليل أن النساء المصابات بالعقم سجلن معدلات أعلى من RFM (42.8 مقابل 40.9)، مع ارتفاع خطر الإصابة بالعقم بنسبة 6% لكل وحدة زيادة في هذا المؤشر.
ويُعزى هذا التأثير السلبي إلى الدهون الحشوية التي تؤثر على توازن الجسم الهرموني من خلال:
زيادة مقاومة الإنسولين
التحفيز على الالتهابات المزمنة
تعطيل وظائف المبيض
هذا التأثير يكون أكثر حدة لدى النساء اللواتي يعانين من متلازمة تكيس المبايض (PCOS)، حيث تتفاعل السمنة مع الخلل الهرموني لتفاقم مشكلة العقم.
- العامل الخفي لدى النساء ذوات الوزن الطبيعي
من بين أبرز ما كشفت عنه الدراسة، أن هذا الخطر لا يقتصر على النساء ذوات الوزن الزائد فقط، بل يشمل أيضاً النساء ذوات الوزن الطبيعي اللواتي يمتلكن دهوناً حشوية مرتفعة. وهذا النوع من السمنة غير الظاهرة غالباً ما يُغفل في الفحوصات الروتينية التي تعتمد فقط على مؤشر كتلة الجسم (BMI).
- العوامل المؤثرة التي تم التحكم بها
ظل الارتباط بين ارتفاع RFM والعقم واضحاً حتى بعد التحكم في عدد من العوامل الأخرى مثل:
العمر
العرق
الحالة الاجتماعية
الدخل
التدخين
اضطرابات النوم
وهو ما يعزز مصداقية العلاقة بين الدهون الحشوية والعقم بعيداً عن التأثيرات الخارجية.
- قيود الدراسة والتوصيات المستقبلية
رغم أهمية هذه النتائج، فقد أشارت الدراسة إلى بعض القيود التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار:
طبيعة الدراسة المقطعية لا تثبت علاقة سببية مباشرة.
الاعتماد على عيّنة من الولايات المتحدة فقط، مما قد يحدّ من تعميم النتائج على بلدان أخرى.
الحاجة إلى دراسات طويلة الأمد لرصد العلاقة عبر الزمن.
ولهذا يوصي الباحثون بإجراء دراسات طولية وموسّعة، إلى جانب أبحاث تبحث في فعالية التدخلات العلاجية لتقليل الدهون الحشوية وتأثيرها على تحسين معدلات الحمل.
- توصيات الخبراء: نهج متكامل لعلاج العقم
بحسب ما خلصت إليه الدراسة، ينبغي اعتماد نهج متكامل عند التعامل مع حالات العقم، لا يقتصر فقط على الأدوية والتقنيات الطبية، بل يشمل أيضاً:
تحسين نمط الحياة
إدارة الوزن بفعالية
متابعة الدهون الحشوية حتى لدى غير المصابات بالسمنة
دعم الجانب النفسي المرتبط بالحالة الإنجابية
كما يمكن أن يصبح مؤشر كتلة الدهون النسبية أداة تشخيصية مبكرة لتقييم الخصوبة، خاصة في الحالات التي تكون فيها مؤشرات الوزن الطبيعية مضلّلة.


