بقلم: الإعلامية اليمنية بدور الديلمي – باحثة في الشؤون السياسية والإقليمية
---
مقدمة:
في ظل اشتعال المشهد الإقليمي وتنامي محور المقاومة، يتعاظم التهديد الصهيوني في العمق السوري عبر أدوات متعددة، تتراوح بين الضربات الجوية، والتغلغل الاستخباراتي، والدعم غير المباشر للمجموعات المسلحة. وفيما تتخذ إسرائيل من "محاربة النفوذ الإيراني" ذريعة لتكرار اعتداءاتها، تتكشف خيوط مشروع صهيوني أوسع يسعى لزعزعة استقرار سوريا وتفكيكها ضمن مخطط يستهدف دول الممانعة جميعًا.
---
أولًا: الضربات الجوية.. غطاء العدوان الصهيوني المتواصل
منذ عام 2011، كثّف العدو الإسرائيلي غاراته الجوية على الأراضي السورية، مستهدفًا مواقع عسكرية، ومراكز أبحاث، ومخازن أسلحة، وحتى مطارات مدنية في دمشق وحلب.
وتحت ذرائع "منع نقل السلاح إلى حزب الله"، تُرتكب انتهاكات صارخة لسيادة سوريا، دون أي رادع دولي.
في تقرير خاص لوكالة "أسوشيتد برس"، اعترف ضباط إسرائيليون بتنفيذ أكثر من 1500 غارة داخل سوريا خلال السنوات العشر الأخيرة، في محاولة لمنع "تثبيت الوجود الإيراني العسكري" كما يدّعون.
---
ثانيًا: اختراق أمني واستخباراتي منظم
تشير معلومات أمنية إلى أن الاحتلال الصهيوني عمل على تجنيد عملاء سوريين، خصوصًا في المناطق الجنوبية مثل درعا والقنيطرة، مستغلًا فوضى الحرب والنزوح.
ووفقًا لتحقيق أجرته صحيفة "هآرتس" العبرية عام 2019، فقد قدّمت تل أبيب دعمًا مباشرًا لمسلحين سوريين عبر الحدود في الجولان، ضمن برنامج خفي أُطلق عليه اسم "الجار الطيب"، وشمل تمويلاً وتسليحًا ومساعدات لوجستية.
ويهدف هذا التغلغل لخلق "منطقة عازلة" تحت النفوذ الصهيوني، تشكل جبهة ضغط داخلية على دمشق، وتمنع أي تحرك سوري أو مقاوم نحو الأراضي المحتلة.
---
ثالثًا: دعم جماعات مسلحة لتعطيل الدولة السورية
رغم التظاهر العلني بـ"الحياد"، إلا أن الوقائع الميدانية تكشف تورط الكيان الصهيوني في دعم جماعات مسلحة في الجنوب السوري، عبر تسهيل تحركاتهم، وتوفير غطاء جوي غير مباشر في بعض العمليات.
الهدف من ذلك ليس فقط إضعاف الجيش السوري، بل أيضًا منع استعادة السيطرة على مناطق استراتيجية محاذية للجولان المحتل.
---
رابعًا: الأهداف الحقيقية خلف التهديد الصهيوني
إضعاف الجيش السوري وإبقاؤه منشغلاً على جبهات داخلية.
منع محور المقاومة (إيران – حزب الله – سوريا) من التمركز قرب حدود فلسطين المحتلة.
خلق بيئة مضطربة في جنوب سوريا لتكون خزانًا للفوضى وخنجرًا في خاصرة دمشق.
التمهيد لضمّ نهائي للجولان، بدعم أمريكي وصمت دولي، كما حدث عام 2019 عندما اعترف ترامب بالسيادة الإسرائيلية عليه.
---
خامسًا: الرد السوري وحسابات محور المقاومة
رغم محدودية الرد السوري المباشر، فإن هناك تنسيقًا أمنيًا وعسكريًا متقدمًا بين دمشق وطهران وحزب الله.
ووفقًا لتقارير إيرانية، فإن بعض الهجمات التي طالت قواعد إسرائيلية في الجولان أو شمال فلسطين المحتلة، كانت ردودًا غير مباشرة على العدوان الصهيوني المتكرر في سوريا.
كما أن القوات المسلحة اليمنية – أنصار الله – دخلت على خط الردع الإقليمي مؤخرًا، من خلال دعمهم الصريح لمحور المقاومة واستهدافهم مواقع حيوية للعدو في البحر الأحمر.
---
سادسًا: المجتمع الدولي.. شريك في الصمت
رغم التوثيق المتكرر للعدوان الإسرائيلي داخل سوريا، يواصل المجتمع الدولي تجاهله، في ازدواجية فاضحة للمواقف.
لا إدانة من مجلس الأمن، ولا تحرك من الأمم المتحدة، رغم الأدلة على استهداف منشآت مدنية ومطارات مستخدمة من قبل منظمات إنسانية.
---
خاتمة:
التهديد الصهيوني في الداخل السوري لم يعد مجرد "حالة أمنية"، بل هو مشروع استراتيجي يتقاطع مع محاولات تمزيق سوريا، وتصفية القضية الفلسطينية، ومنع أي توازن إقليمي في وجه الهيمنة الغربية.
لكن في المقابل، فإن تعاظم محور المقاومة، وتماسك الجبهات من صنعاء إلى دمشق وبيروت، يجعل من هذا المشروع الصهيوني مقامرة مكلفة قد تنفجر في وجه الاحتلال عاجلًا أم آجلًا.
✍️ بقلم: الإعلامية اليمنية بدور الديلمي
باحثة في الشؤون السياسية والإقليمية



