✍️ عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
في ظلّ تسارع الأحداث الإقليمية والدولية، وتصاعد الدور المحوري الذي يلعبه دونالد ترامب في إعادة تشكيل الخطاب الجيوسياسي للولايات المتحدة، بدأت تلوح في الأفق أسئلة صادمة: هل باتت "تصفيته" خيارًا مطروحًا داخل الدوائر العميقة؟ وهل نحن أمام سيناريو أميركي كلاسيكي يعيد تكرار معادلة: "حين تتجاوز اللعبة… تُخرَج منها"؟
من الإستثناء إلى الخطر البنيوي
لطالما عُدّ ترامب إستثناءً في الساحة السياسية الأميركية، لكنه اليوم تجاوز هذا الدور، ليصبح في نظر كثيرين "خطرًا بنيويًا" على النظام الداخلي والخارجي معًا.
ففي ظرف عام واحد، تورط في ملفات شديدة الحساسية:
1- هندسة تزويد إسرائيل بأسلحة هائلة فاقت الحد المسموح به من الإدارة الأمريكية العميقة لشنّ حروب استباقية إقليمية (حوالي 39 مليون طن).
2- تعطيل قنوات الحوار مع الصين وروسيا في أكثر من ملف.
3- الهجوم العلني على الأمم المتحدة، والمحكمة الجنائية الدولية، والمقررين الأمميين، مثل فرنشيسكا البازني.
4- التلويح باستهداف حلف البريكس من الداخل، وتشجيع تفكك الناتو.
وكلها مؤشرات جعلت منه في أعين المؤسسات العميقة عامل فوضى غير قابل للترويض.
وعندما لا تكفي الإنتخابات‼️‼️‼️
ففي الحالات الأميركية السابقة، حين تصبح شخصية ما خارج السيطرة، ويتمتع بقاعدة جماهيرية مستقلة، فإن "الاقتراع" لا يكون الوسيلة الوحيدة لإخراجه.
تاريخيًا:
فقد جرى إغتيال الرئيس جون كينيدي بعد مواقفه بشأن سحب القوات من فيتنام ونيته ضرب الاحتكارات المالية.
وأُطيح بنيكسون عبر تسريبات مُمنهجة، دون رصاصة واحدة، بعد تجاوزه حدود المسموح في ملفات الاستخبارات والتنصّت.
ومُنِع بيرني ساندرز ناعمًا عبر الإعلام والتمويل، دون حاجة إلى طعن مباشر.
اليوم، ومع تعاظم نفوذ ترامب، وتهديده للمؤسسة نفسها، فإن فرضية التصفية الجسدية لم تعد من باب الخيال السياسي، بل من باب الإحتمالات الواقعية، خصوصًا في ظل:
# تشققات واضحة داخل الأجهزة الأمنية.
# توتر خطير بينه وبين البنتاغون.
#تغطيات إعلامية تمهّد منذ أشهر لفكرة "خطر ترامب على الأمة".
"الصدفة لا تتكرر"... فماذا بعد؟
اغتيال ترامب — إن حصل — لن يكون مجرد حدث دموي، بل إعادة ضبط قسرية للنظام الأميركي، لإعادة إنتاج التوازن بين القوة الناعمة والعميقة. سيكون رسالة مزدوجة: داخلية لردع أي تمرد، وخارجية لإعادة تسويق أميركا كدولة "مؤسسات" لا أفراد.
الفرضية ليست رغبة، ولا أمنية، بل تحليل استباقي ينبع من نمط أميركي واضح:
حين يصبح اللاعب أكبر من اللعبة، يتم شطبه... مهما كانت الكلفة.
فترامب لا حد لإضطراب نرجسيته، جنون عظمته، غطرسته وإنحيازه لإسرائيل، ولو على حساب مصلحة أمريكا.
فهل نحن على أعتاب "دالاس جديدة"؟
وهل يكون ترامب آخر ضحايا مقصلة النظام حين تتعارض الشعبيّة مع الهيمنة؟
وإنَّ غدًا لناظره قريب
بيروت | 11 حزيران/يونيو 2025