غابة افتراضية تهدئ عقلك وتعزز ذاكرتك وتنشط الحواس والمزاج
دراسات و أبحاث
غابة افتراضية تهدئ عقلك وتعزز ذاكرتك وتنشط الحواس والمزاج
15 تموز 2025 , 14:09 م

كشفت دراسة حديثة أن الاستمتاع بجمال الغابات لم يعد حكرا على الطبيعة الخارجية، إذ تبيّن أن "الاستجمام بالغابات" يمكن أن يكون فعالا حتى عند خوضه في الواقع الافتراضي ، فعندما يتم دمج المشاهد الطبيعية مع أصوات الغابة وروائح الأشجار في تجربة افتراضية شاملة، يمكن أن يُقلل التوتر، ويحسن المزاج، بل ويُعزز الذاكرة المؤقتة.

تجسيد جديد للعلاج بالطبيعة

أجرى باحثون من معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية بالتعاون مع المركز الطبي الجامعي في هامبورغ-إيبندورف (UKE) دراسة رائدة نُشرت في مجلة علم النفس البيئي، تُظهر أن التواجد داخل غابة افتراضية باستخدام الواقع الافتراضي، مع دمج المؤثرات البصرية والصوتية والروائح، يعزز الصحة النفسية والعاطفية بشكل ملحوظ.

ففي اليابان، يُعرف مفهوم "شينرين-يوكو" (الاستجمام بالغابات) كممارسة علاجية لتقليل التوتر وخفض ضغط الدم، وانطلقت هذه الدراسة لاختبار ما إذا كان بالإمكان تحقيق فوائد مماثلة من خلال تجارب الطبيعة الافتراضية، وما إذا كانت النتيجة تتعاظم عند تحفيز أكثر من حاسة واحدة في آنٍ واحد.

غابة دوغلاس الشاسعة تتحول إلى واقع افتراضي

صوّر الباحثون مقطع فيديو بانورامي بدقة عالية بزاوية 360 درجة في محمية زونينبرغ الطبيعية الواقعة في أكبر غابة صنوبر دوغلاس في أوروبا، وتضمّن الفيديو أصواتا طبيعية للغابة ورائحة زيت دوغلاس العطري، مما أتاح للمشاركين خوض التجربة بأحد أربعة أشكال: تجربة متعددة الحواس (بصرية، صوتية، وشمية)، أو تجربة تركز على حاسة واحدة فقط. ولضمان الموضوعية، استخدم الباحثون إعدادا افتراضيا محايدا عند عرض التجربة الصوتية أو الشمية فقط.

 تحسن في المزاج والذاكرة

شارك في التجربة أكثر من 130 شخصا، خضعوا أولا لمحفزات بصرية مسببة للتوتر، ثم خاضوا واحدة من نسخ تجربة الغابة الافتراضية، أظهرت النتائج أن الجمع بين الحواس الثلاث أدى إلى تحسن أكبر في المزاج وشعور أعمق بالترابط مع الطبيعة، مقارنة بالتجارب التي حفزت حاسة واحدة فقط. كما لوحظ تحسن طفيف في الذاكرة العاملة، وهي القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات ومعالجتها لفترة قصيرة.

لكن الباحثين شددوا على أن هذه النتائج ليست شاملة بعد، وتحتاج إلى دراسات إضافية بأعداد أكبر لفهم آليات التأثير بشكل أدق.

تطبيقات مستقبلية في البيئات الحضرية والسريرية

صرّحت "ليوني أسكوني"، المؤلفة الرئيسية للدراسة:

 "يمكننا القول بثقة إن تجارب الطبيعة الرقمية تُحدث تأثيرا عاطفيا حقيقيا، حتى إن لم تكن بديلا كاملا للطبيعة الواقعية."

وأضافت "سيمونه كوين"، مديرة مركز علم الأعصاب البيئي في معهد ماكس بلانك: "في الأماكن التي يصعب الوصول فيها للطبيعة، مثل العيادات أو المناطق الحضرية، يمكن أن تُسهم تطبيقات الواقع الافتراضي المتعددة الحواس في دعم الصحة النفسية وتعزيز الأداء العقلي."

وقد أظهرت أبحاثها السابقة، بالتعاون مع جامعات في فيينا، إكستر، وبرمنغهام، أن مجرد مشاهدة مقاطع فيديو للطبيعة يُقلل من الإحساس بالألم لدى المرضى (Steininger et al., 2025).

أهم النقاط باختصار:

الاستجمام بالغابات الافتراضية يحسن المزاج ويعزز الشعور بالترابط مع الطبيعة.

التجربة متعددة الحواس (البصر، السمع، الشم) أكثر فعالية من التجارب الأحادية الحاسة.

تطبيقات واسعة محتملة في المستشفيات، العيادات، والمناطق الحضرية التي تفتقر إلى المساحات الخضراء.

المصدر: معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية