أعلن بنك الأحياء الحيوية البريطاني (UK Biobank) عن إتمام أكبر مشروع تصوير شامل للجسم البشري في العالم، شمل مسح أدمغة وقلوب وبطون وأوعية دموية وعظام ومفاصل 100,000 متطوّع خلال فترة امتدت لـ15 عاما. ويُعد هذا المشروع غير المسبوق حجر الزاوية لتطوير تشخيص وعلاج الأمراض المزمنة والمعقّدة بطرق ثورية.
قال البروفيسور السير روري كولينز، كبير الباحثين في المشروع: "إن حجم المشروع – الأكبر بأكثر من 10 مرات من أي مشروع سابق – يتيح للعلماء رؤية أنماط الأمراض التي لم يكن من الممكن ملاحظتها سابقا."
بنك الأحياء الحيوية
يُعد UK Biobank اليوم المصدر الأشمل عالميا للبيانات الطبية والبيولوجية المتاحة لأغراض البحث في الصحة العامة، منذ عام 2006 جمعت المؤسسة بيانات صحية وحيوية ونمط حياة من نصف مليون متطوّع من المملكة المتحدة بهدف تسريع وتيرة اكتشاف طرق الوقاية والعلاج من الأمراض.
وفي خطوة بارزة، استطاع البنك إتمام سلسلة من مواعيد التصوير التي استغرقت 5 ساعات لكل متطوّع، باستخدام استثمار مالي ضخم بلغ 60 مليون جنيه إسترليني، وتم جمع أكثر من 12,000 صورة رنين مغناطيسي للدماغ والقلب والبطن، بالإضافة إلى صور موجات فوق صوتية للشرايين السباتية، ومسوح شاملة لقياس كثافة العظام وتوزيع الدهون.
تقنية جديدة لتصوير الجسم بالكامل
وفقًا للبروفيسورة لويز توماس، أستاذة التصوير الأيضي بجامعة ويستمنستر: "بات بإمكان العلماء اليوم قياس حجم وشكل وتركيب كل عضو ونسيج في الجسم خلال ثوانٍ، بعد أن كان ذلك يستغرق ساعات لكل مريض."
وقد استفاد أكثر من 1300 بحث علمي محكّم بالفعل من بيانات التصوير هذه، منها دراسات قادرة على تحليل صور القلب في أقل من ثانية باستخدام الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي والتنبؤ بالأمراض قبل ظهور الأعراض
تُوظّف البيانات الضخمة المُجمعة من هذا المشروع في نماذج تعلم آلي قادرة على التنبؤ بظهور الأمراض قبل سنوات من بدء الأعراض، وقد طوّر الباحثون نموذجا لذكاء اصطناعي يمكنه تحليل عمر الأعضاء الحيوي، مثل القلب والدماغ، مقارنة بالعمر البيولوجي الحقيقي للشخص.
كما استخدمت إحدى الدراسات بيانات تصوير الدماغ الخاصة بـ20,000 شخص بالتزامن مع بيانات جينية ونشاط بدني لتطوير خوارزمية تتنبأ باحتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر أو باركنسون مستقبلاً.
قال البروفيسور بول ماثيوز، رئيس مجموعة العمل على تصوير الدماغ في UK Biobank: "روعة المشروع تكمن في تنوع البيانات ودقّتها، وأنا متحمس لرؤية ما ستكشفه صور 100 ألف مشارك."
تطوّر نوعي في أدوات البحث الطبي
يمثل هذا المشروع نقلة نوعية في علم الطب الوقائي والتشخيص المبكر، ويُتوقّع أن يفتح الباب لعصر جديد من الطب الدقيق المعتمد على بيانات ضخمة وتحليل متكامل للبيئة الجينية ونمط الحياة والتغيّرات الفيزيولوجية، مما يعزز من فرص التدخل العلاجي المبكر ويُمهّد الطريق لعلاجات مُخصصة لكل مريض.