قانون الدولة القومية لليهود؛ نزعٌ لحق تقرير المصير وتفويضٌ بالإبادة
مقالات
قانون الدولة القومية لليهود؛ نزعٌ لحق تقرير المصير وتفويضٌ بالإبادة
عدنان علامه
21 تموز 2025 , 10:04 ص


عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

بتاريخ 19 تموز/يوليو 2018، أقرّ الكنيست الإسرائيلي قانونًا أساسياً عنصرياً بعنوان: "إسرائيل - الدولة القومية للشعب اليهودي"، يؤكد أن:

"ممارسة حق تقرير المصير في دولة إسرائيل حصرية للشعب اليهودي"؛

بهذا البند الثالث، يُلغى صراحةً حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه التاريخية، ويتم ترسيخ الاحتلال كمفهوم قانوني دائم، لا كحالة مؤقتة تتطلب إنهاءً.

1- جريمة قانونية كاملة الأركان

قانون "الدولة القومية" يتعارض بوضوح مع:

المادة 1 من ميثاق الأمم المتحدة (التي تضمن حق الشعوب في تقرير المصير).

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966).

قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2625 (1970) الذي يحرّم نزع تقرير المصير بالقوة.

فالقانون ليس مجرد إعلان هوية قومية، بل تشريع رسمي لاحتكار السيادة لليهود فقط، وشرعنة التمييز العرقي، وتجريد السكان الأصليين من أي مستقبل سياسي أو قانوني.

2- مسؤولية الأمم المتحدة: صمت يُشرعن الجريمة

رغم وضوح المخالفة، لم تُحرّك الأمم المتحدة ساكنًا:

فمجلس الأمن لم يصدر قرارًا واحدًا يُدين هذا القانون.

واللجنة المعنية بمناهضة التمييز العنصري لم تُفعِّل آلياتها لإدانته.

فالمجتمع الدولي يتعامل مع إسرائيل كـ"دولة ديمقراطية" بينما تُمارس نظام أبارتهايد موثق، كما أثبتت تقارير هيومن رايتس ووتش وأمنستي.

وهذا الصمت يُعتبر تواطؤًا صريحًا، ويجعل الأمم المتحدة شريكة في جرائم الحرب والتطهير العرقي المستمر بحق الفلسطينيين، وخاصة في غزة، حيث تُنفّذ المجازر حاليًا تحت ذرائع "أمنية"، بينما الهدف الحقيقي هو فرض وقائع سياسية على الأرض انسجامًا مع قانون "الدولة القومية".

3- من التشريع إلى المجازر؛ التنفيذ العملي لإلغاءحق تقرير المصير

بعد سن القانون، بدأت إسرائيل بتنفيذ مشروعها على الأرض:

توسيع الاستيطان ومنع أي سيادة فلسطينية.

تهجير قسري جماعي من القدس وغزة.

إرتكاب مجازر عند نقاط توزيع المساعدات كأدوات قتل جماعي غير تقليدية.

منع التعليم والإعمار والحد الأدنى من الحياة الكريمة.

وهذا يعكس تحول القانون من مجرد نص إلى خطة سياسية ممنهجة لتفكيك المجتمع الفلسطيني وحرمانه من الوجود ذاته.

4- واجب الأمم المتحدة: المساءلة لا المجاملة

فالأمم المتحدة بصفتها الضامن الأول للقانون الدولي، فإن:

استمرار صمت الأمم المتحدة يخرق مسؤوليتها الأساسية في حماية الشعوب من الإضطهاد والإحتلال.

يجب إلغاء الاعتراف بشرعية إسرائيل كدولة ديمقراطية طالما تحتكم لقوانين عنصرية.

يجب إعادة تفعيل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بتقرير المصير للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها القرار 3236 الصادر عام 1974.

الخاتمة:

إن قانون "الدولة القومية" ليس نصًا داخليًا، بل سلاح قانوني دولي يُستخدم لسحق حق تقرير المصير الفلسطيني وتحويله إلى "شأن داخلي يهودي".

والأمم المتحدة، بصمتها، تُحوّل الشرعية الدولية إلى مسرحية عبثية، وتفقد ما تبقى من مصداقيتها.

َ فحرمان الفلسطينيين من تقرير المصير يُعد خرقًا مباشرًا للمادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

إنه جذر الظلم السياسي الذي يُغذّي كل أشكال الاضطهاد اللاحقة.

وإنَّ غدًا لناظره قريب

21 تموز/يوليو 2025

المصدر: موقع إضاءات الإخباري