كشفت دراسة علمية حديثة من جامعة واشنطن في سانت لويس أن بلازما الدم تحتوي على إشارات بيولوجية مشتركة بين عدد من الأمراض التنكسية العصبية ، مثل مرض الزهايمر ومرض باركنسون والخرف الجبهي الصدغي (FTD). وقد نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Nature Medicine (2025) تحت عنوان: "إطار عمل لرسم خريطة للبروتيوم البشري في حالات التنكس العصبي".

آلاف البروتينات المرتبطة بأمراض الدماغ

يعلم العلماء منذ سنوات أن العديد من البروتينات والمسارات الجزيئية تلعب دوراً في تطور وتقدم الأمراض العصبية التنكسية، ويمكن رصد هذه البروتينات في بلازما دم المرضى، إلا أن التحدي الأكبر كان في التمييز بين البروتينات الخاصة بكل مرض وتلك المشتركة بينها، ما أعاق تقدم التشخيص والعلاج.

قاد الدراسة البروفيسور كارلوس كروشاغا، أستاذ قسم الطب النفسي ومدير مركز الجينوم العصبي والمعلوماتية في جامعة واشنطن، بالتعاون مع الدكتور محمد علي، أستاذ مساعد في الطب النفسي وأول مؤلف في الدراسة، وقام الفريق بتحليل نشاط البروتينات في أكثر من 10,500 عينة من بلازما الدم لأشخاص مصابين بأحد هذه الأمراض الثلاثة.

نماذج تنبؤية دقيقة لكل مرض

من خلال تحليل البروتينات في هذه العينات، طوّر الباحثون نماذج قادرة على التنبؤ باحتمالية الإصابة بكل مرض، استناداً إلى الاختلالات في تنظيم بعض البروتينات. ونجحت الدراسة في تحديد 5,187 بروتيناً مرتبطاً بمرض الزهايمر، و3,748 بروتيناً بمرض باركنسون، و2,380 بروتيناً بالخرف الجبهي الصدغي، بما في ذلك بروتينات لم تكن مرتبطة سابقاً بهذه الأمراض.

أكثر من ألف بروتين مشترك بين الأمراض

واكتشف الباحثون أيضاً أن هناك أكثر من 1,000 بروتين مشترك بين الأمراض الثلاثة، وهو رقم وصفه كروشاغا بأنه "أكبر مما كان متوقعاً". وتشير هذه البروتينات المشتركة إلى عمليات بيولوجية متشابهة، خاصة تلك المتعلقة بإنتاج الطاقة والاستجابة المناعية، مما قد يفتح المجال أمام استراتيجيات علاجية موحدة لمجمل الأمراض التنكسية العصبية.

نحو فهم أعمق وآفاق علاجية جديدة

وأوضح كروشاغا أن أمراض الزهايمر وباركنسون وFTD تتقاطع في الأعراض والخصائص المرضية، إلا أن الأبحاث السابقة كانت تركز غالباً على كل مرض بشكل منفصل، مما صعّب التمييز بين ما هو مشترك وما هو خاص بكل منها. وقد أتاحت الدراسة الجديدة، من خلال المقارنة المتوازية، فهما أعمق للبنية البروتينية لهذه الأمراض.

ويُعد هذا البحث امتداداً لأعمال سابقة لفريق كروشاغا، حيث سبق لهم أن حددوا أكثر من 400 بروتين في البلازما مرتبط بمرض الزهايمر، ويأمل الباحثون أن تُسهم النتائج الحالية في تحسين دقة التشخيص، والكشف المبكر، وربما تطوير علاجات جديدة فعالة لهذه الأمراض المعقدة.