في عالمٍ يتشكل وعيه من شاشات التلفزة وتطبيقات الهواتف، لم تعد الكذبة بحاجة إلى جهد كبير كي تُصدق، بل يكفي أن تُعرض على شاشة محترفة، بصوت مذيع أنيق، وبعنوانٍ جذّاب.
هنا تبدأ البروباغندا.
? ما هي البروباغندا الإعلامية؟
"البروباغندا" ليست مجرد كذب صريح، بل أخطر من ذلك: هي إعادة تشكيل الحقيقة لخدمة أهداف سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، عبر استخدام أدوات الإعلام الحديثة، والتحكم في المحتوى، والتلاعب بالعواطف الجماهيرية.
فالإعلام لم يعد ناقلًا للحدث، بل صار صانعًا للرأي العام، يوجه العقول، ويُهندس القناعات، ويدفع الشعوب لتبني سردية معينة دون وعي.
? أدوات البروباغندا:
1. انتقاء الأخبار: عرض ما يخدم المصلحة، وحجب ما يكشف الحقيقة.
2. التكرار: إعادة نفس الرسالة بمختلف الصيغ حتى تُصبح قناعة عامة.
3. التحيّز اللغوي: استخدام ألفاظ إيجابية مع طرف، وسلبية مع طرف آخر.
4. الترميز والشحن العاطفي: استغلال الدين أو الوطنية لتسويق الكذبة.
5. تضليل الصورة: استخدام مشاهد منتقاة لتوجيه المشاعر، لا لإظهار الواقع.
? أمثلة حية:
▪️ الإعلام الغربي برّر غزو العراق بكذبة "أسلحة الدمار الشامل"، ليكتشف العالم لاحقًا أن الأمر كله كان تلفيقًا إعلاميًا متقنًا.
▪️ الإعلام العربي الممول غربيًا، وصف اتفاقيات التطبيع بأنها "شجاعة تاريخية"، متجاهلًا أن أطفال غزة يموتون جوعًا وقهرًا.
▪️ قنوات مثل "العربية" و"سكاي نيوز" تُسمي العدوان الصهيوني على غزة "ردًا على استفزازات"، بينما تتجاهل قتل الرُضّع وهدم البيوت فوق ساكنيها.
? خطورة البروباغندا:
ليست مجرد تضليل… بل سلاح نفسي يقتل إرادة المقاومة، ويُخدر وعي الشعوب، ويُحوّل الجلاد إلى ضحية، والمقاوم إلى مجرم.
في ظل هذا التزييف الممنهج، لا بد من إعلام حر، يقف في صف الحقيقة، ويواجه التضليل بالوعي، ويُسمّي الأشياء بمسمياتها.
---
✍️
الإعلامية اليمنية بدور الديلمي
صحفية وباحثة في الشؤون السياسية والإقليمية
مدير إدارة المؤتمرات الدولية – مستشار الحملة الدولية لكسر حصار مطار صنعاء الدولي