اكتشاف أربعة أنماط فرعية متميزة بيولوجيا للتوحد اكتشاف ثوري يغيّر فهمنا للحالة
منوعات
اكتشاف أربعة أنماط فرعية متميزة بيولوجيا للتوحد اكتشاف ثوري يغيّر فهمنا للحالة
24 تموز 2025 , 13:03 م

توصل باحثون من جامعة برينستون ومؤسسة سيمونز إلى اكتشاف ثوري يُسلّط الضوء على أربعة أنماط فرعية متميزة بيولوجيا وسريريا لاضطراب طيف التوحّد، يعكس هذا الاكتشاف تحولا جذريا في فهمنا للحالة، ويتيح فرصا واعدة لتطوير الرعاية الشخصية والتشخيص المبكر المعتمد على السمات الوراثية.
- منهجية تعتمد على الشخص لا الجين
استندت الدراسة، المنشورة في مجلة Nature Genetics بتاريخ 9 يوليو 2025، إلى تحليل بيانات أكثر من 5,000 طفل من مشروع SPARK، المموّل من مؤسسة سيمونز. على خلاف الأساليب التقليدية التي تركز على الجينات الفردية، اعتمد الباحثون نهجا يتمحور حول الشخص، تم فيه تقييم أكثر من 230 سمة لكل مشارك، بما يشمل السلوك الاجتماعي والتكراري والتطوّر النمائي، ما أتاح التعرّف على أنماط فرعية ذات دلالات بيولوجية وسريرية واضحة.
الأنماط الأربعة للتوحّد
1. نمط التحديات الاجتماعية والسلوكية
يمثّل حوالي 37% من العينة، يتميز هذا النمط بالصعوبات الأساسية في التفاعل الاجتماعي والسلوكيات التكرارية، مع الحفاظ على تطوّر نمائي قريب من أقرانهم، يُرافقه اضطرابات شائعة مثل فرط الحركة، والقلق، والاكتئاب، والوسواس القهري.
2. نمط التوحّد المختلط مع تأخر نمائي
يشمل نحو 19% من المشاركين، يتسم بتأخر في المهارات مثل المشي والكلام، دون ظهور مشكلات سلوكية أو نفسية بارزة. يُطلق عليه "مختلط" لاحتوائه على تفاوت في الأعراض الاجتماعية والسلوكية.
3. نمط التحديات المعتدلة
يمثّل حوالي 34% من الأطفال. تظهر أعراض التوحّد بدرجة أخف مقارنة بالأنماط الأخرى، مع تطور نمائي طبيعي وغياب للاضطرابات النفسية المصاحبة.
4. نمط التأثر الواسع
أصغر المجموعات (10%). يتميز بأعراض شديدة تشمل تأخّرًا نمائيًا كبيرًا، اضطرابات اجتماعية وسلوكية، واعتلالات نفسية متنوعة مثل القلق والتقلبات المزاجية.
- تباين جيني يحدّد الأنماط
أظهرت الدراسة وجود ارتباط واضح بين هذه الأنماط واختلافات جينية محددة:
الأطفال في نمط التأثر الواسع كانوا أكثر عرضة للطفرات الجديدة الضارة (de novo).
أما الأطفال في نمط التوحّد المختلط مع التأخر النمائي، فقد حملوا طفرات نادرة موروثة من الوالدين.
رغم التشابه في الأعراض، يشير هذا التباين الوراثي إلى اختلافات بيولوجية جوهرية في الأسباب الكامنة وراء الحالة.
- جدولة جينية متفاوتة
توصل الباحثون إلى أن توقيت تأثير الطفرات الجينية يختلف بين الأنماط، ففي نمط التحديات الاجتماعية والسلوكية، وُجدت الطفرات في جينات تنشط لاحقا في الطفولة، مما يفسّر تأخّر ظهور الأعراض ومرحلة التشخيص المتأخرة نسبيا.
أفق جديد في الطب الدقيق
قالت الدكتورة أولغا ترويانسكايا، الباحثة الرئيسية ومديرة مبادرة "الصحة الدقيقة" في برينستون: "فهم الجينات المسببة للتوحّد هو المفتاح للكشف عن آليات الحالة، وتمكين التشخيص المبكر، وتوجيه العلاج الشخصي."
وبحسب الباحثة ناتالي ساورفالد من معهد فلاتيرون: "ما نراه ليس قصة بيولوجية واحدة للتوحّد، بل عدة قصص متميزة، مما يفسّر إخفاق الدراسات السابقة في الوصول لصورة كاملة."
- تحوّل في البحث والرعاية
يمثل هذا الاكتشاف نقلة نوعية في أبحاث التوحّد، إذ لم يعد الهدف هو تفسير التوحّد ككيان واحد، بل كأنماط متعددة ذات مسارات بيولوجية وسريرية مختلفة، ويُتوقّع أن يُحدث هذا التحوّل تأثيرا عميقا على الرعاية الطبية، والتخطيط للتدخلات المبكرة، وتوجيه العلاج حسب كل حالة.
- آفاق مستقبلية للأسَر والبحث العلمي
بالنسبة للأُسر، يمكن لهذا التصنيف أن يقدم وضوحا جديدا حول مسار تطوّر حالة أطفالهم، وما يمكن توقعه من أعراض مستقبلية، وما هي التدخلات المناسبة، كما يفتح هذا النهج الباب لتطبيقه على حالات صحية أخرى معقدة ومتعددة الأوجه، مما يبشّر بآفاق أوسع للطب الدقيق.

المصدر: Princeton University