تأثير المواد الكيميائية المستخدمة في إطفاء الحرائق على صحة رجال الإطفاء
دراسات و أبحاث
تأثير المواد الكيميائية المستخدمة في إطفاء الحرائق على صحة رجال الإطفاء
26 تموز 2025 , 14:30 م

يواجه رجال الإطفاء مخاطر تتجاوز النيران والدخان؛ فقد أظهرت دراسة حديثة من "كلية الصحة العامة ميل وإنيد زوكيرمان" بجامعة أريزونا أن التعرض طويل الأمد لمواد كيميائية صناعية تُعرف باسم PFAS قد يؤدي إلى تغيّرات في التعبير الجيني لديهم، مما يرتبط بمسارات بيولوجية لأمراض متعددة منها السرطان والزهايمر وأمراض المناعة الذاتية.

ما هي مركبات PFAS ولماذا تشكّل خطرا؟

PFAS، أو "المركبات الفلورية المشبعة والمتعددة الفلور"، هي مواد كيميائية صناعية مقاومة للحرارة والماء، توجد في منتجات شائعة مثل الأثاث، العوازل، الإلكترونيات، أدوات التنظيف، الملابس، أواني الطهي غير اللاصقة، إضافة إلى معدات الإطفاء، وتُعد مستويات PFAS لدى رجال الإطفاء مرتفعة بسبب طبيعة عملهم وتعرضهم المتكرر لهذه المواد، مما يثير القلق بشأن التأثيرات الصحية المحتملة.

الدراسة: عينات دم وتغيرات جزيئية دقيقة

حلل الباحثون عينات دم من 303 رجل إطفاء من ست مناطق في الولايات المتحدة، وتم قياس مستويات تسعة أنواع من PFAS، إلى جانب مراقبة التغيرات في جزيئات miRNA، وهي جزيئات تتحكم في تنظيم التعبير الجيني.

ووجدوا أن مستويات معينة من PFAS ارتبطت بتغيرات واضحة في miRNA، بعضها معروف بدوره في تنظيم مسارات تطور السرطان، الاضطرابات العصبية، وأمراض المناعة الذاتية.

مؤشرات مبكرة لتطور الأمراض

PFOS، وهو أحد مركبات PFAS الشائعة، ارتبط بانخفاض مستويات miR-128-1-5p، وهو مرتبط بتطور السرطان.

أشكال متفرعة من PFOS أثرت على خمسة أنواع أخرى من miRNA، منها أنواع ترتبط بمسارات تنظم نمو السرطان.

التغيرات شملت مسارات بيولوجية مرتبطة بسرطانات الدم، والمثانة، والكبد، والغدة الدرقية، والثدي.

تم ربط بعض التغيرات أيضا بأمراض مثل الزهايمر، الذئبة الحمراء، الربو، والسل.

التأثيرات اللاجينية: مفتاح لفهم الخطر

التغيرات التي تم رصدها لا تعد طفرات جينية، بل هي تعديلات "لاجينية" تؤثر في كيفية تفعيل الجينات دون تغيير تسلسلها، ويقول البروفيسور جيف بورجيس، المؤلف الرئيسي المشارك في الدراسة، إن هذه التغيرات توفر "مؤشرات على خطر الإصابة بالسرطان" ويمكن استخدامها لتقييم فعالية التدخلات الوقائية.

هل يمكن التدخل في وقت مبكر؟

تشير الباحثة ميليسا فيرلونغ إلى أن التغيرات في miRNA قد تمثل "بصمة بيولوجية مبكرة" تسبق ظهور المرض، مما يفتح المجال أمام الوقاية والعلاج. وتضيف:

"إذا كان miRNA يمثل خطوة قابلة للتعديل في سلسلة التغيرات اللاجينية الناتجة عن PFAS، فقد يكون هدفا لتدخلات دوائية مستقبلية".

وتعمل فرق البحث حاليا على دراسات متابعة طويلة الأجل لفهم التأثيرات البيولوجية على مدى زمني أوسع وتطوير استراتيجيات للوقاية من الأمراض المزمنة بين رجال الإطفاء.

توفر هذه الدراسة أدلة أولية لكن مهمة على أن التعرض المهني الطويل الأمد لمركبات PFAS يمكن أن يترك "بصمة جينية" لدى رجال الإطفاء، ما قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة خطيرة، وتعد النتائج خطوة أولى نحو تحسين سبل الوقاية والكشف المبكر عن هذه المخاطر الصحية.

المصدر: جامعة أريزونا