عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
رغم دخول "هدنة إنسانية" حيّز التنفيذ جزئيًا في قطاع غزة، فإن الوقائع على الأرض تكشف زيف الادعاءات الإسرائيلية بشأن الدوافع الإنسانية، إذ تؤكد شهادات المسؤولين الإسرائيليين أنفسهم أن ما يجري ليس سوى خطوة تجميلية هدفها إنقاذ إسرائيل من تبعات كارثتها السياسية والإنسانية في غزة، لا سيما بعد أن تسبب قرار نتنياهو في مارس 2025 بوقف إدخال المساعدات لأربعة أشهر في مجاعة وجرائم حرب ومقاطعة دولية غير مسبوقة.
*حصيلة دموية مرعبة:
منذ وقف المساعدات في مارس وحتى اليوم، ارتفع عدد الشهداء إلى 59,821، منهم 8,657 بعد 18 مارس فقط، مع أكثر من 133 حالة وفاة بالمجاعة بينهم 87 طفلًا، وشهداء "لقمة العيش" أو "مصائد الموت" وحدهم بلغوا 1,132 بسبب استهدافهم أثناء انتظار المعونات. هذه الأرقام وحدها تدين إسرائيل أمام كل محكمة ضمير في العالم.
*أنبوب ماء... لتغطية التدمير الكامل لمصادر المياه في غزة:
إعلان "خط مياه محلاة من مصر إلى غزة" ليس كرمًا إنسانيًا، بل اعترافًا ضمنيًا بتدمير إسرائيل الممنهج لمحطات التحلية والآبار في غزة، وهو ما يشكل جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي، ويؤكد أن تقديم المياه اليوم ليس علاجًا بل محاولة تلميع صورة الكيان القبيحة.
*انقسام داخلي في إسرائيل:
عائلات الأسرى تتهم الحكومة بعدم امتلاك استراتيجية، وتفضيل القتال على حياة الجنود. بينما يدعو بن غفير علنًا إلى احتلال غزة وتكثيف الحرب وتشجيع التهجير القسري، في تصريحات تفضح الأهداف الحقيقية للحرب.
*المساعدات الجوية من الأردن والإمارات (25 طنًا فقط، أقل من حمولة قاطرة - بلاطة-)
والجهود المصرية المحدودة لا تغطي سوى جزء بسيط من الاحتياجات، وتأتي في إطار تفاهمات دولية سياسية لا ترتبط بتغير جوهري في الموقف الإسرائيلي من الحصار والإبادة.
ولا بد من الإشارة بأن
نتنياهو رفض بتاريخ 17 من الشهر الحالي ما وصفها بـ"الادعاءات" بوجود مجاعة في قطاع غزة، وذلك خلال لقائه وزيري خارجية بريطانيا وألمانيا.
وقال مكتب نتنياهو -في بيان- إن "رئيس الوزراء رفض ادعاءات المنظمات الدولية بشأن المجاعة في غزة"، وذلك في الوقت الذي تحذر فيه وكالات الإغاثة والأمم المتحدة من أن قطاع غزة على شفا المجاعة مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بهدف القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
? الخلاصة: ما نشهده اليوم هو إعادة تموضع إعلامي وسياسي لإسرائيل، لا تغيرًا حقيقيًا في نواياها. المساعدات تُستخدم كغطاء لتحسين صورة الاحتلال، وتثبيت استراتيجيات الإبادة والتجويع، والمجتمع الدولي مطالب بالتوقف عن تصديق الرواية الإسرائيلية والضغط لوقف شامل ونهائي للعدوان ورفع الحصار.
وفي خطوة تضاَمنية مَع شريكه مجرم الحرب الَمدان نتنياهو، أنكر ترمب، أمس الأحد، وجود مجاعة في قطاع غزة، قائلًا: إنه "لا يعتقد أن هناك مجاعة حقيقية في غزة، والوضع متعلق بسوء تغذية سكان القطاع".
وإنَّ غدًا لناظره قريب
28 تموز/ يوليو 2025