نجح فريق من الباحثين الروس في كشف البنية البلورية لنوع جديد من معدن الكلوريتويد، أطلق عليه اسم الكلوريتويد 3T، مما يُعد خطوة هامة لفهم الظروف الحرارية والضغوط الجيولوجية التي تشكلت فيها الصخور المعدنية في أعماق الأرض .
تركيبة فريدة ومؤشرات على أعماق تصل إلى 30 كيلومترا
الكلوريتويد هو معدن شائع نسبيا يتألف من طبقات متناوبة من أكسيد السيليكون وأكاسيد المعادن مثل المغنيسيوم والحديد والألمنيوم، ويتكون عادةً في بيئات تحتوي على مركبات الحديد والألومنيوم مثل الصخر الزيتي والألومينا. ويتطلب تكوينه درجات حرارة تتراوح بين 300 و550 درجة مئوية وضغوطا تتراوح بين ضعفين وعشرة أضعاف الضغط الجوي القياسي.
يتميّز الكلوريتويد باستقراره في أعماق الأرض التي قد تصل إلى 30 كيلومترا، ما يجعله مؤشرا مهما لدرجات الحرارة السابقة في باطن الأرض، فعندما يُعثر عليه في صخور معينة، يمكن تحديد درجة الحرارة القصوى التي لم تتجاوز 550 درجة مئوية، إذ إن المعدن يفقد استقراره عند تجاوز هذه العتبة.
مفتاح لفهم الضغوط الأرضية عبر الزمن
لا يقتصر دور الكلوريتويد على قياس الحرارة فحسب، بل يمكن أيضا استخدامه لتقدير الضغط الأرضي في العصور الجيولوجية الماضية، وذلك استنادا إلى الاقترانات المعدنية، فعلى سبيل المثال إذا وُجد الكلوريتويد مع الكيانيت، فإن هذا يشير إلى ضغط مرتفع يتراوح بين 8 و10 أضعاف الضغط الجوي، أما إذا اقترن بـ الكلوريت، فذلك يدل على ضغط منخفض يتراوح بين 3 و6 أضعاف الضغط الجوي.
الكلوريتويد 3T: بنية جديدة ومعقدة
النوع الجديد الذي اكتشفه الباحثون يُدعى الكلوريتويد 3T، ويتميّز ببنية أكثر تعقيدا وتنظيما من الأنواع المعروفة سابقا، ووفقا للدراسة المنشورة في مجلة American Mineralogist، تم التوصل إلى هذا الاكتشاف من خلال استخدام التحليل الهيكلي بالأشعة السينية على عينات مستخرجة من رواسب كوسوي برود في جبال الأورال الوسطى.
عملية التحليل هذه سمحت بتصوير دقيق لترتيب الذرات داخل البلورات المعدنية، حيث تم تصوير مئات الزوايا باستخدام الأشعة السينية لاستخلاص "بصمة بلورية" مميزة لهذا النوع الجديد.
اختلاف في الترتيب لا في البنية ثلاثية الأبعاد
أكد العلماء أن الفارق بين أنواع الكلوريتويد لا يكمن في بنيتها ثلاثية الأبعاد، كما كان يُعتقد سابقا، بل فقط في ترتيب طبقات الذرات داخل التركيب البلوري، ويمتلك الكلوريتويد 3T درجة أعلى من التماثل البنيوي، ما يجعله أداة أكثر دقة لفهم تكوين الصخور في باطن الأرض.
اكتشاف كان خفيا منذ قرنين
المثير للدهشة أن الكلوريتويد 3T اكتُشف في نفس الرواسب التي ظهر فيها معدن الكلوريتويد لأول مرة عام 1832، مما يشير إلى أن هذا النوع الجديد قد يكون واسع الانتشار، لكنه ظل غير ملحوظ لسنوات طويلة بسبب العيوب البلورية الدقيقة التي أعاقت تمييزه باستخدام الأساليب التقليدية.
أهمية جيولوجية مستقبلية
هذا الاكتشاف لا يفتح فقط نافذة لفهم أعمق لتركيب الأرض، بل يقدم أيضا أداة دقيقة للجيولوجيين في استكشاف المعادن وتفسير ظروف تشكلها، وبفضل هذا النوع الجديد، يمكن الآن تحديد درجات الحرارة والضغوط الجيولوجية في أعماق الأرض بشكل أكثر دقة من أي وقت مضى.