” من الترفيه إلى التخريب...دس السم في عسل التلعيب.“
”حين يصبح الإنحلال مشروعا، والإحتلال مفعولا."
” حين تصبح السخافة مشروعا، ويعاد تأهيلها تحت إسم ”ثقافة"
وحين يتحول العبث إلى أكاديمية، والإنحلال إلى مناهج، والسطحية إلى شاشات عملاقة تبث على مدار اللحظة...فاعلم أنك في زمن إنقلاب القيم، لعالم الطفولة والبراءة تغريب، وللإنسانية تخريب...حقا أنه التدمير والترهيب.
زمن تنتقل فيه السموم لاعبر الأثير، بل عبر الألوان والألحان والشعارات،
زمن تبرمج فية الطفولة على التفكك، والهوية على الذوبان، والأسرة على الإنقسام.
”من الترفيه إلى التخريب، دس السم في عسل التلعيب"
لاتخدع بابتسامة أرنب كرتونية... فقد يحمل في جيبه قنبلة مفاهيمية.
ولاتنبهر بأغنية أطفال ملونة...فقد تخفي خلف كلماتها ترويجا للا معنى، وتلميحا لقذارة الشذوذ، وتجريما لفطرة عمرها ملايين السنين.
إننا أمام هندسة إنحلال لاتقرع الأبواب، بل تدخل مع الأجهزة المحمولة،
وتتسرب مع الإبتسامة والضحك واللعب، وثم تستقر في الا وهي...تشكل الميول وتربك التكوين، وتحرف المألوف.
طفلك لم يعد يتعلم فقط من المدرسة، بل من ” مشاهد مختارة بعناية فائقة", من أفلام مصنعة في سراديب لاترى، ومن رموز غامضة تعيد برمجة الجنوسة، وتشجع على التجريب، وتمحو الحياء باسم الحرية.
” تسطيح العقول... و تفخيخ المنقول“
الغزو اليوم لم يعد بالدبابات، بل بالمصطلحات.
ليس بالحديد والنار، بل بالميديا والأفكار.
جيل جديد يدجن على الإنبهار، يرقص للترند، ويضحك على الفكرة، ويؤمن أن التفاهة طريق للشهرة، وأن العلم ممل، وأن الأستاذ أو الأستاذة موضة قديمة. هكذا تفرغ الأمة من داخلها، دون طلقة واحدة، ويعاد تشكيلها بلغة هجينة، ومراجع مسمومة وصراعات تافهة
”حين يصبح الإنحلال مشروعا...والإحتلال مقبولا مفعولا"
انهم لايكتفون بإفساد الطفل أو تبليد المراهق...بل يجرمون الرجولة، ويشطنون الأمومة، ويهزأون من الأوامر الربانية الوسطية. ويجعلون من المقاومة المحقة والعادلة المطالبة بالإنفكاك والتحرر والإستقلال رجعية، ومن الخضوع تحديثا. ينشرون الطائفية بذكاء. يحركون التناقضات الخاملة، ويشعلونها بتقنيات”البروباغاندا الطائفية الناعمة“ ثم يأتون في النهاية يلبسون ثياب الحكماء، ويعرضون علينا ”حلولا جاهزة“ لما أفسدوه بأنفسهم.
وماكان هذا ليمر ويمرر لولا وجود مراكز ناعمة داخل مؤسسات حساسة، مواقع تدار من خلف الستار، بأيدي من يتحدث لغتنا لكنه لاينتمي لنا. وبصريح العبارة لايشرفنا. يحركه جرس سري، لايقرع من العلن.
” هذا ليس إستهدافا لدولة...بل لضاد بأكملها" الخطر لايحدد بخريطة. إنه لايعترف بالحدود ولا الأعلام... يستهدف الجسد العربي برمته ويجتاح الروح الاسلامية كلها.
من المحيط الثقيل بالحزن، إلى الخليج المثقل بالضباب، من ضفاف النيل، إلى جبال الأطلس، إلى مآذن آسيا الشرقية...
أنه عدو واحد يتلون بألف وجه، لكن يعض بنفس السم. يريدنا شتاتا في الفكر، مشتتين في الهوية، عاجزين عن إنتاج أي معنى نقي أو وعي صلب.
”وصية لمن بقي له ضمير و دفتر"
ياأيها الأب هل تعرف مايشاهده إبنك؟ أيتها الأم، هل تعلمين بأي لسان يخاطب طفلك وأنت تطبخين؟
ياأيها المعلم، هل بقي صوتك صدى في زمن الشرف التربوي؟
إنتبهوا أيها الإخوة والأخوات...ليس من السهل أن نعيد زرع شجرة إذا اقتلعوا جذورها.
وليس من السهل أن نعيد بناء الجدار إذا تربى النشء على الزجاج لا الحجارة.
علموا أبناؤكم وبناتكم أيها الإخوة أن يكونوا أحرارا لا منفلتين.
علموهم أن الفضيلة ليست عيبا، وأن الرجولة ليست تطرفا، وأن الحياء لايمنع الإبداع بل يحميه.
هؤلاء الأبناء...هم حاضرنا المسلوب، ومستقبلنا الذي قد لايكتب، إلا إذا كتبناه بأيدينا، لا بأيديهم.
وليعلم الجميع علم اليقين أن خيوط هذا العبث الممنهج لاتنسج في العلن،
بل تحاك في جحور عتيقة بأصابع مشبعة برماد التلمود الإبليسي، وبتواطؤ من منظومات إستعمارية هجينة، تتقن زرع الخراب بثوب الحداثة وتعيد تشكيل العالم على مقاسها الفاسد المفسد"
نعم...يقف خلف هذه الهندسة الإنحلالية عقل جني أنسي، تآلفت فيه أحبار مع رموز استخبارية واختلطت فيه طقوس تلمودية بسيناريوهات الإستعمار المرقمن، ليعاد تشكيل وعيا بنكهة العبودية الناعمة."
” ثمة عقول مضللة، تلبس المعطف الأبيض وتكتب بالمسطرة، لكنها تدين بالطاعة لمختبرات ظلت تعكف على تفكيك الإنسان. ترسم خرائط الطفولة في مراكز أبحاث لاترى، وتمرر الفايروس الفكري بتواقيع لاتقرأ إلا بالأشعة فوق السياسية."
وراء الستار، تشتغل أدمغة مأجورة. هجنت المعادلات بالهواجس، وجعلت من الطفولة حقلا لتجارب إستخباراتية، تدار من غرف بلا نوافذ، تزين جدرانها بنصوص عتيقة وحسابات شيطانية...
ألا تشموا رائحة أؤلاءك المردة...من احتلوا وقتلوا وشردوا واغتصبوا ونكلوا وحرفوا وزوروا وحوروا وأرهبوا وأرعبوا إنهم شياطين الأنس. إنهم أبناء الأفاعي المفسدون في الأرض... هم سبب شر البلية...
مفكر كاتب وإعلامي سوري في الغربة