بُني برج إيفل عام 1889 ليكون أيقونة المعرض العالمي في باريس، وظلّ هذا الصرح الحديدي رمزا للمدينة، لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أنّ ارتفاعه ليس ثابتا طوال العام، في أيام الصيف الحارة، يتمدد البرج بضعة سنتيمترات إضافية، ليعود وينكمش مجددا مع برودة الشتاء.
- تاريخ البرج وأسرار تمدده الموسمي
صُمم البرج عام 1884 بواسطة فريق غوستاف إيفل ليبلغ ارتفاعه 300 متر، لكنه في أشهر الصيف يمكن أن يتجاوز هذا الارتفاع بفارق ملحوظ، يوضح المهندس والأستاذ فيديريكو دي إيسيدرو غورديخوئيلا أنّ هذا التمدد ناتج عن التوسع الحراري للمعادن، وهو مبدأ فيزيائي بسيط ولكنه ذو تأثير واضح على الهياكل المعدنية الكبيرة.
- لماذا تتمدد المعادن عند التعرض للشمس؟
عند تسخين أي مادة صلبة، تبدأ ذراتها بالاهتزاز بشكل أكبر، ما يؤدي إلى تباعدها قليلا، وهو ما يسبب زيادة في حجم المادة، مقدار التمدد يعتمد على:
1. معامل التمدد الحراري للمادة.
2. طول القطعة المعدنية.
3. مقدار التغير في درجة الحرارة.
بالنسبة للحديد والصلب المستخدمين في برج إيفل، يبلغ معامل التمدد حوالي 12 × 10⁻⁶ لكل درجة مئوية، وهذا يعني أنّ قضيبا معدنيا طوله متر واحد يزداد طوله بنحو 12 ميكرومتر عند ارتفاع حرارته درجة واحدة مئوية، وهو جزء ضئيل للغاية من شعرة الإنسان.
- الأرقام تكشف الحقيقة
باريس شهدت درجات حرارة شتوية أقل من –20 °م وصيفية قاربت 40 °م، أي فرق حراري يصل إلى 100 °م. عند تطبيق هذا التغير على برج طوله 300 متر، يمكن أن يصل التمدد النظري إلى 36 سنتيمترا.
ومع أن البرج ليس قضيبا مستقيما، بل شبكة معقدة من أكثر من 18 ألف قطعة حديدية تزن 7,300 طن، فإن القياسات الفعلية تُظهر زيادة موسمية في الارتفاع تتراوح بين 12 و15 سنتيمترا، وهي قريبة من الحسابات النظرية بعد أخذ عوامل التصميم في الاعتبار.
- انحناء طفيف باتجاه الشمس
لا يتوقف الأمر عند التمدد الطولي، إذ إن الجهة التي تتعرض للشمس أكثر تتمدد قليلا أكثر من غيرها، ما يجعل البرج يميل بزاوية طفيفة جدا بعكس اتجاه الشمس نهارا، ثم يعود إلى وضعه الطبيعي ليلا.
- درس في الفيزياء من قلب باريس
تمدد برج إيفل في الصيف ليس إلا تطبيقا واضحا لقوانين الفيزياء التي تُراعيها الهندسة في الجسور وخطوط السكك الحديدية، هذه الظاهرة تذكرنا بأن حتى أعظم المعالم الصلبة ليست جامدة تماما، بل تتنفس وتستجيب لحرارة البيئة من حولها.