ورقة بحثية: تفنيد الادعاء التوراتي حول
مقالات
ورقة بحثية: تفنيد الادعاء التوراتي حول "إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات"
عدنان علامه
20 آب 2025 , 20:50 م


عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

المقدمة

يتكرر في الخطاب الصهيوني الحديث الادعاء بأن "أرض إسرائيل" تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات، مستندًا إلى نصوص توراتية محرّفة وقراءات إيديولوجية، لتبرير مشروع توسعي استعماري. غير أن مراجعة النص القرآني وتفاسيره، إضافةً إلى الدراسات النقدية الغربية، تُظهر أن هذا الادعاء لا أساس له لا دينيًا ولا تاريخيًا ولا قانونيًا.

أولًا: النص القرآني وسياق "الأرض المقدسة"

ورد في سورة المائدة (24–26) أن بني إسرائيل رفضوا دخول الأرض المقدسة، فقالوا لموسى: {اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعد ون} ، فجاء الرد الإلهي: {فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض} .

هذا النص القرآني يؤكد أن الأرض لم تُمنح لهم منحة أبدية، بل كان دخولها مشروطًا بالإيمان والطاعة.

فبعصيانهم، حُرِموا منها ودخلوا في التيه، مما يسقط أي حق مطلق بادعاء وراثة الأرض.

ثانيًا: تفسير الميزان ورؤية الشيعة الإمامية

العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان يبين أن:

المقصود بـ "الأرض المقدسة" هو أرض فلسطين وما حولها، لا الامتداد الجغرافي من النيل إلى الفرات.

ووراثة الأرض لا ترتبط بعرق أو نسب، بل بصفة "الصلاح"، استنادًا إلى قوله تعالى: {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} (الأنبياء:105).

وبالتالي، سقط عن بني إسرائيل الاستحقاق بعد رفضهم الدخول وعصيانهم أوامر الله.

ثالثًا: الروايات الشيعية عن الأرض الموعودة

روايات الأئمة (ع) تؤكد أن استحقاق وراثة الأرض مشروط بالصلاح والالتزام بالحق، وأن الله أبدل بني إسرائيل بأمم أخرى حين فسقوا.

هذا ينسجم مع النص القرآني الذي يربط الوعد الإلهي بالطاعة.

وعليه، لا مجال للقول بوعد أبدي يمنح اليهود حقًا إلهيًا مطلقًا في أرض تمتد من النيل إلى الفرات.

رابعًا: نقد الادعاء التوراتي سياسيًا

التوراة المحرّفة استُعملت كمرجعية إيديولوجية لإنتاج مقولة "إسرائيل الكبرى".

روجيه غارودي، في كتابه الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية، وصف الوعد من النيل إلى الفرات بأنه "أسطورة سياسية" تستعمل كغطاء للتوسع الاستعماري.

والصهيونية الحديثة تبنت هذه القراءة الأسطورية لتبرير الاحتلال والتهجير والإبادة.

خامسًا: البعد القانوني الدولي

القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة، لا تعترف لإسرائيل بأي حدود خارج فلسطين المحتلة.

التوسع إلى أراضٍ خارج هذه الحدود يُعد عدوانًا وفق ميثاق الأمم المتحدة (المادة 2).

واستخدام النصوص الدينية لتبرير الاحتلال لا يغيّر من صفة العدوان، بل يرسّخ الطابع الاستعماري لمشروع "إسرائيل الكبرى".

الخاتمة

الإدعاء بأن "إسرائيل من النيل إلى الفرات" لا أصل له في القرآن الكريم ولا في تفسيراته، بل هو إسقاط توراتي محرّف على واقع سياسي استعماري.

تاريخيًا، فقد بنو إسرائيل الاستحقاق بعد التيه، وقرآنيًا وراثة الأرض للصالحين لا للفساق، وسياسيًا الوعد مجرد أسطورة وظفتها الصهيونية المعاصرة.

وبالتالي، فإن مشروع "إسرائيل الكبرى" ليس قدرًا دينيًا، بل مخطط توسعي يجب مواجهته بالشرعية القرآنية والقانون الدولي معًا.

وإنّ غدًا لناظره قريب

20 آب/أغسطس 2025

المصدر: موقع إضاءات الإخباري