مشاريع ترامب بين التهجير القسري وفرض الإملاءات على لبنان
مقالات
مشاريع ترامب بين التهجير القسري وفرض الإملاءات على لبنان
عدنان علامه
25 آب 2025 , 11:22 ص


عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

?المقدمة

لم يعد خافيًا أن أي مشروع يتبناه الرئيس ترامب في الشرق الأوسط يخفي وراءه أهدافًا تتجاوز الشعارات الاقتصادية أو الإنسانية المعلنة. فخطابه الأخير الذي تحدث فيه عن "إعادة إعمار غزة" ومشاريع استثمارية كبرى، ليس سوى واجهة لتكريس مشروع تهجيري ممنهج يستهدف الفلسطينيين أولًا، ثم يمدّد خططه نحو جنوب لبنان. هذه المقاربة تكشف عن استغلال ممنهج للفراغ الدولي، وتدلّ على تواطؤ بين واشنطن وتل أبيب في محاولة فرض واقع جديد على حساب الشعوب.

?التهجير القسري كجريمة حرب

فتصريحات ترامب حول "أخذ غزة بالقوة" وتهجير سكانها، ثم البناء فوق ركامها تحت مسمى "المشاريع الاقتصادية"، تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي. فالتهجير القسري للسكان المدنيين يرقى إلى جريمة حرب بموجب اتفاقيات جنيف الرابعة ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. ولا يقف الخطر عند حدود غزة، بل يمتد إلى قرى جنوب الليطاني في لبنان، حيث يطرح ترامب خيار "الإخلاء وإعادة التوطين" كبديل عن إلزام إسرائيل بالانسحاب الفوري وفقًا للقرار 1701.

?القرار 1701 والازدواجية الأميركية

المفارقة الكبرى تكمن في تجاهل واشنطن لالتزامات إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، بينما تواصل الضغط على الدولة اللبنانية لسحب سلاح المقاومة بحجة "بسط سيادة الدولة". هذا التلاعب بالشرعية الدولية يظهر ازدواجية فاضحة: فبدلًا من تحميل الاحتلال مسؤولية الخروقات المستمرة منذ 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي ( أكثر من 4400 خرق) ، يتم تحويل الأنظار إلى الداخل اللبناني وتكبيله سياسيًا وأمنيًا.

?الإملاءات على السلطة اللبنانية

تصاعدت الضغوط الأميركية على السلطة اللبنانية (الرئاسية والتنفيذية) لقبول ما يُسمى بـ"ورقة الأهداف الأميركية"، والتي تتضمن عمليًا تفكيك البنية الدفاعية للمقاومة مقابل وعود اقتصادية ومالية ودون أي ضمان لعدم إعتداء إسرائيل. لكن خطورة هذه الورقة تكمن في أنها تربط مستقبل لبنان الأمني والاقتصادي برؤية إسرائيلية أميركية مشتركة، تُفضي في النهاية إلى تجريد لبنان من عناصر قوته وإبقائه رهينة التهديدات.

?الأبعاد الإقليمية لمشروع ترامب

لا يمكن فصل هذه المشاريع عن الرؤية الأوسع لما يُسمى بـ"إسرائيل الكبرى"، الممتدة من النيل إلى الفرات. فتهجير غزة، وإفراغ جنوب لبنان من سكانه، وتجريد الدولة اللبنانية من سلاحها الردعي، كلها حلقات مترابطة في مشروع استعماري طويل الأمد.

فترامب الذي يعتبر نفسه بأنه في مهمة من الله؛ يعيد إنتاج هذه الرؤية بأدوات اقتصادية وسياسية، محاولًا تسويقها كفرص استثمارية، في حين أنها مشاريع قضم للأرض والحقوق.

?الخاتمة

إن أي إذعان للسلطة اللبنانية لهذه الإملاءات الأميركية الجديدة، أو أي تواطؤ في تنفيذ الورقة الأميركية، يعني المشاركة المباشرة في جريمة حرب وخيانة وطنية صريحة. غالمطلوب اليوم موقف لبناني سيادي يرفض المساومة على سلاح المقاومة باعتباره الضمانة الوحيدة لردع العدوان وحماية الأرض. فالاستسلام لهذه الضغوط لن يجلب سوى مزيد من التهجير والخراب، ويفتح الباب واسعًا أمام تثبيت مشروع إسرائيل الكبرى على أنقاض لبنان وفلسطين.

وإنَّ غدًا لناظره قريب

25 آب/ أغسطس 2025