انهم تسعين عام و قرن من التفكير و حقيقة اكثر من ضرورة اليوم في ذكرى تأسيسه…
مقالات
انهم تسعين عام و قرن من التفكير و حقيقة اكثر من ضرورة اليوم في ذكرى تأسيسه…
علي وطفي
31 آب 2025 , 00:28 ص


تسعة عقود مرت على خلاصة نهج باصرار و تبصر و عمق فلسفي معرفي حضاري معطوف على واقع اجتماعي اقتصادي تحتضنهما جغرافيا سياسية محورية في حركة العالم و عجنة حضارات انجبت فرادة التنوع البشري لهذا المشرق …

هو الفكر القومي السوري الاجتماعي مستندات على عقيدة مترابطة حتمية و تاريخية ابنة الواقع تتماشى مع اول مدينة عاصمة مأهولة في التاريخ ، وعلاج الحاضر المعاش الشافي لسرطان متغلغل في خلاياه .

هل كان انطون سعادة نصف نبي .. أم متنور صاحب نظرة مستقبلية لهذه الجغرافيا مدركا طريق لا خلاص الا به والذي خاض بشراسة معركة عدائه لفكرة الخطر الداهم الصهيوني و تكوين العقيدة المضادة له…؟

في رؤيته لمكامن القوة و الضعف خط عوامل النهوض و القوة و التقدم الحضاري و العلمي لبلاد الشام او سورية الطبيعية محذرا و عالماً بعمق بخطر الكيان المغتصب لفلسطين على امتداد هذا المشرق

وصولا إلى العراق و وادي النيل و حاول جاهداً مقاومته فكريا ،اجتماعيا، اقتصاديا حضاريا و عسكرياً منذ تسعين عاما على تأسيسه الذي صادف يوم امس و كل ما قاله و حذرنا منه هو واقع ما أدركنا اليوم و نعيشه .

قتلته رجعيتنا عملاؤنا و ازلام المشروع الصهيوني المحليين في كل مراكز الحكم في هذه البلاد بتعليمات من الخارج رعاة الكيان الاسرائيلي و هو في طريقه ليتغول و يفتك قتلاً و توسعا .

عندما عاد ابو العقيدة الشامية المشرقية آخر مرة ليقود حزبه سعيدا لتحقيق اهدافه و ورأى الجميع كيف اجتمع حولهم مئات الالاف من حيفا الى العقبة الى انطاكية و كل ساحل فينيقيا الشرقي اصابهم الجنون و اليأس، كأنه حزب برجل و رجل بحزب تيقنوا انه المشكلة و الحل لمشرقنا العاطفي التي نهشت عظامه التبعية والارتهان للخارج و المذهبية ،العشائرية و الطائفية منذ معركة صفين و كل الاحتلالات مهما اختلفت مسمياتها التي انهمك بلادنا حتى اليوم .

كانت وما الا هذه الفكرة-العقيدة بالنسبة لمجتمعاتنا طريق الخلاص و من جهة اخرى كابوس و كارثة لمن استبد ويستبد بالحكم و أزلام الخارج الذين يحكمون و يعملون بحمايته لتأمين مصالحه ، وبعد تيقنوا ان سعادة و فكره و العقيدة التي زرعها آنذاك اجتاحت العقول وبمثابة (تسونامي) بمصطلحات اليوم و سوف يكنسهم و لن يبقي احد من هؤلاء على عرشه ، انتظروا عودته الاخيرة في أواخر سنة1946رغم التحذيرات بانه في دائرة الخطر ولكن مشهد الزحف الجماهير الذي كان في استقباله لحظة وصوله و بدون ادنى شك هذا الرجل بتفكيره و العقيدة التي كونها جعل ابناء المشرق يتشربونها بإيمان و قناعة لانها واقع معاش و الهموم والمشاكل واحدة و مشارب على تنوعها و عائلات واحدة و عادات وحتى الموائد بما عليها واحدة من أجل الخلاص من هذا الواقع و الانقسام في كيانات بلاد الشام ، فأرادوا نهضة في كل مجالات الحياة و المقومات موجودة واقعية طبيعة.

تآمر الجميع و جاء القرار بتصفيته متشابكا مترابطا من دول الغرب الإستعمارية و خاصة بريطانيا اقليميا و عربيا و محليا ، هذا يفسر الخوف و مدى رعب هؤلاء و كم هو حقيقي جماهيري و شعبي هذا (الخطر).هو فكر وعقيدة الحزب القومي الاجتماعي السوري التي اصبحت تملك عقول و توازي اكتشاف الذرة و صناعة القنابل المدمرة التي تم تجريبها على اليابانيينَ،( راي شخصي) طبعا.

السبب بسيط لمقاربتي هذه…المذهبية و الطائفية مع العرقية توازي وحتى أ خطر من القنبلة الذرية او النووية ، لان العقيدة القومية هي السبيل الاوحد لنزع كل فتيل يمكن ان يفتك بوجودنا و تزيل كل الحواجز في طريق رفعة و نهضة بلاد الشام مع تنوعها ، لذلك تم اتخاذ القرار باسرع عملية تصفية سياسية لرجل فكر و عقيدة هز عروش و أنظمة عميلة نصبها الغرب.

اما الدافع الاول الذي سرع و سهل اغتياله هو ان سعادة كشف اللثام مبكرا عن عمق ومدى الخطر الوجودي علينا باقامة هذا الكيان الإسرائيلي و دعا إلى القتال العسكري والفكري و كان حزبه اول من قاتل في فلسطين و لم يترك الزعيم مناسبة إلا كان يخطب و يشرح خطر الدولة اليهودية بعد تبين خطرها و ها نحن نرى ذلك بأم العين.

غاب انطون سعادة المولود في1 آذار 1904 وتم اغتياله في 8 حزيران 1949 المفكِّر القومي مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1932، وهي حركة قومية عربية تبنت فكرة وحدة سوريا الكبرى. اشتَهَر بتوجهاته الفكرية القومية التي تدعو إلى بناء "الأمَّة السورية" التي تشمل بلاد الشام (سورية، ولبنان، والأردن، وفلسطين) و العراق و بقيت الفكرة ولكن بكل اسف استمر العمل على إنهاء هذا الحزب و نزع هذه العقيدة القومية من ادمغة الجماعات و نرى اليوم اين وصلنا و وصل الانحطاط و عمود تلك الفكرة و بلا ادنى شك غياب الزعيم اسس لنصف الكارثة و تراجع الحزب و ملاحقة اعضائه و التآمر عليه و محاصرته مع النزعة التسلطية من داخله التي نعيشها اليوم .

الامل الوحيد هو نفض الغيار عن هذه العقيدة من جديد باسلوب يتناسب مع هذا الجيل والزمن و رجالات مختلفة بعمل خلاق لكسب المؤيدين من جديد و خاصة في هذه المرحلة القاتمة السواد و حالة مجتمعاتنا من فرقة ، تشرذم و انشقاق عمودي و افقي اجتماعي و نفسي و ديني التي تعيشها اليوم و نحن نرى دمشق التاريخ و العراقة تُسبى من شذاذ الآفاق المنافقين القتلة ، و هل من عاقل يقبل ان يحكم دمشق الشام فكر الملا عمر ، حسن البنا او الظواهري.؟

لا مفر من استنهاض الامة والفكر العابر لكل علل وآفات المجتمع الشامي الاجتماعية السياسية و الحضارية وإلا قد نصبح اطلال تقام عليها مضارب قبائل و عشائر و طوائف، كل امم الارض تسعى للمستقبل الا نحن مأخوذين بالثار و الانتقام و نريد ان نهرب من حالنا المقرف المخزي إلى تاريخ نصفه مزور و لكن فيه شيء من كرامة تفقدها الغالبية العظمة من مجتمعاتنا و نخبها التي تبين كم هي رخيصة في الاغلب الاعّم.

علينا ان تصنع سعادة فكري جديد ، انها حاجة و مصير و مستقبل هذا المشرق المغضوب عليه ، كي نحيا بكرامة و من المستغرب أن اصحاب النظرية الاممية او القومية العربية كان له يد في حصار و محاربة هذا الحزب بأفكاره و ، كما أرادوا توحيد العرب برابط اللغة والتاريخ الغابر و الامميون أرادوا توحيد المجتمعات المختلفة الاعراق تحت شعارات خيالية لا تناسب طبيعة البشر و حريتها بالفطرة ، علما ان قانون الطبيعة يقول ان الشجرة تبدأ بالبذرة و تنبت و تكبر لتعطي ثمار لذلك تآمروا على القوميين السوريين الذين ادركوا أن المشتركات حقيقية واقعية حتى في السلوك العادات ان يصلوا إلى وحدة الطبيعة في الجغرافيا و التاريخ و علم الاجتماع والعادات اليومية بالبيت فيها مواقع يجمع اهل بلاد الشام و بعدها كان يمكن توسيع الاتحاد الى دوائر ابعد و هؤلاء اليوم نرى صقورهم توضعوا في اليمين و إلى يمينه بينما بقي القوميون الاجتماعيون لم يغيروا او يبدلوا.

رغم المآسي اليوم - " اننا محكومون بالامل وما يحدث اليوم ليس نهاية التاريخ" هي ماقالته المبدع الكاتب المسرحي الراحل سعد الله ونوس .

إذا لا مفر و علينا ان تقاتل و نسعى في محاولة لإعادة شيء من ألق هذه الامة و من اجل كرامة الانسان الذي آمن و يؤمن بنهضتها بنهضتها.