تشهد أيرلندا الشمالية حدثاً مدهشاً يتمثل في اختفاء بحيرة "لوغاريميا" بشكل كامل خلال ساعات قليلة، قبل أن تعود للامتلاء من جديد في دورة غامضة تتحدى القوانين الطبيعية.
تقع البحيرة وسط جبال أيرلندا الشمالية، محاطة بالضباب الكثيف، وتعرف محلياً باسم "البحيرة المتلاشية" لقدرتها الفريدة على التفريغ من مائها بسرعة مذهلة، فقد يراها الزائر في الصباح ممتلئة، ثم يجدها جافة تماماً مع حلول المساء، في مشهد يثير الدهشة والفضول على حد سواء.
- بحيرة محاطة بالأساطير
لا ترتبط البحيرة بأي نهر يخرج منها، بل تغذيها ثلاثة أنهار تصب فيها، وهو ما جعل سلوكها محط اهتمام العلماء لعقود. وبالنسبة لسكان المنطقة، ظلت هذه الظاهرة مصدر إلهام للعديد من الأساطير الشعبية، إذ يعتقد البعض أن طيفاً يظهر على ضفافها عند امتلائها، فيما يزعم آخرون رؤية مخلوق أسطوري شبيه بالحصان الأبيض قادر على تغيير هيئته إلى شكل بشري.
- دراسة علمية لفك اللغز
الجيولوجي الدكتور بول ويلسون من المسح الجيولوجي البريطاني وصف البحيرة بأنها "واحدة من أكثر المواقع الجيولوجية غموضاً في أيرلندا الشمالية". وقد بدأ فريقه مؤخراً في دراسة موسعة للبحيرة باستخدام تقنيات حديثة، من بينها الكاميرات الزمنية وأجهزة قياس دقيقة لمستويات المياه، لتوثيق دورات الامتلاء والتفريغ بدقة غير مسبوقة.
- التفسير العلمي وراء الظاهرة
تشير الأبحاث الميدانية إلى أن هذه الظاهرة تعود إلى نظام صرف جوفي معقد يعمل بمثابة صمام طبيعي، فعندما تتجمع الرواسب في فتحة قاع البحيرة، يبدأ منسوب المياه بالارتفاع التدريجي، لكن بمجرد أن يتجاوز الضغط المائي مستوى معيناً، تُفتح القنوات الجوفية فجأة لتبتلع كميات هائلة من المياه وتفرغ البحيرة بالكامل.
وقد تمكن الباحثون مؤخراً من تسجيل دورة كاملة لهذه العملية، حيث اختفى ما يقارب 20 مليون لتر من المياه في أقل من 6 ساعات، وهو رقم هائل يعكس ضخامة هذه الظاهرة الطبيعية، وأكد الدكتور ويلسون أن "البحيرة المتلاشية تمثل نافذة استثنائية لفهم الأنظمة الهيدروجيولوجية المعقدة التي لا تزال لغزاً محيراً للعلماء".