أعلن فريق من علماء الآثار بقيادة البروفيسور أركاديوس مارسينياك من جامعة بوزنان البولندية عن العثور على مبنى فريد في مستوطنة كاتال هويوك بتركيا، يضم رفات 20 شخصاً، في ما يُعتقد أنه دليل على طقوس عبادة وممارسات جنائزية تعود إلى العصر الحجري الحديث.
المبنى، الذي أطلق عليه الباحثون اسم "بيت الموتى" أو "البيت الروحي"، يختلف عن المنازل التقليدية في المستوطنة، حيث تشير الأدلة إلى أن الجثث لم تمت في المكان ذاته، بل نُقلت إليه عمداً ودفنت تحت أرضيته ضمن طقوس خاصة.
- كاتال هويوك ... مستوطنة عمرها 9000 عام
تُعد كاتال هويوك، الواقعة في وسط تركيا، واحدة من أقدم وأكبر المستوطنات البشرية، إذ يعود تاريخها إلى نحو 9000 عام، وهي مدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وتشتهر بكثرة الاكتشافات الأثرية التي توثق فترة تحول الإنسان من الصيد إلى الزراعة.
- طقوس ومعتقدات معقدة
يؤكد الاكتشاف الجديد أن سكان العصر الحجري الحديث كانوا يمتلكون بالفعل معتقدات راسخة عن الحياة الآخرة وطقوساً جماعية منظمة، وهو ما يعكس مدى تطور وعمق الفكر الروحي في تلك الحقبة. وتشير الفرضيات إلى أن الفناء المركزي للمستوطنة ربما كان مخصصاً للأنشطة العامة أو الطقوس الدينية، بعيداً عن المساكن الخاصة.
- هياكل أثرية إضافية
ولم يتوقف الأمر عند "بيت الموتى"، إذ كشف الباحثون أيضاً عن هياكل مهمة في القطاع الشرقي من المستوطنة، بينها مبنى يُعتقد أنه مخصص للطقوس الدينية، يتميز بجدران مطلية ووجود 14 منصة، ما يعكس درجة عالية من التنظيم الداخلي. ومن المقرر أن تتم دراسة هذا الهيكل بتفصيل أكبر عام 2026.
كما تم العثور على هيكل أصغر يُرجح أنه من أقدم الأبنية في هذا الجزء من كاتال هويوك، وتبين وجود ثلاثة مدافن بشرية تحت منصاته، ما يضيف بُعداً جديداً لفهم طبيعة الحياة والدفن في تلك الحقبة التاريخية.
- أهمية الاكتشاف
يرى علماء الآثار أن هذا الاكتشاف يشكل دليلاً قوياً على الممارسات الروحية والجنائزية التي سادت قبل 9000 عام، ويعزز فهمنا للعلاقة بين العمارة والمعتقدات في العصر الحجري الحديث. كما أنه يعكس مكانة كاتال هويوك كمركز حضاري وروحي بارز في تاريخ البشرية.