كشف باحثون أمريكيون عن دور جديد ومذهل لحليب الأم، مؤكدين أنه لا يقتصر على كونه مصدراً رئيسياً للغذاء، بل يعمل أيضاً كوسيلة لنقل إشارات حيوية تساعد على تنظيم إيقاعات الساعة البيولوجية للرضيع، ما يؤثر بشكل مباشر على نومه، نموه، وصحته العامة.
وأشارت الدراسة إلى أن تركيبة حليب الأم تتغير على مدار اليوم، حيث يختلف تركيز بعض الهرمونات والبروتينات المهمة باختلاف وقت الإرضاع. ويبرز ذلك أهمية أن تتم عملية استخراج الحليب (الضخ) في نفس الأوقات التي اعتادت فيها الأم على الرضاعة الطبيعية، حتى يستفيد الرضيع من الفوائد الطبيعية الكاملة للحليب.
- تفاصيل الدراسة
أجرى الباحثون تجارب على 21 أماً قمن بتقديم عينات من الحليب في أربع فترات مختلفة خلال اليوم: 6 صباحاً، 12 ظهراً، 6 مساءً، و12 منتصف الليل، بالإضافة إلى 17 مشاركة أخرى، ليبلغ إجمالي العينات 236 عينة.
وتم تحليل مستويات عدة مركبات بيولوجية في هذه العينات، أبرزها:
الميلاتونين: الذي بلغ ذروته عند منتصف الليل، ما يساعد على تعزيز النوم لدى الرضيع.
الكورتيزول: الذي وصل إلى أعلى مستوياته صباحاً، لدعم النشاط واليقظة.
الأوكسيتوسين، الغلوبولين المناعي (IgA)، واللاكتوفيرين: والتي أظهرت استقراراً نسبياً، لكنها كانت أعلى لدى حديثي الولادة لتعزيز المناعة ودعم نمو ميكروبيوم الأمعاء.
- تصريحات الباحثين
قالت الدكتورة ميليسا وورتمان، الباحثة الرئيسية في الدراسة: "إيقاعاتنا اليومية غالباً ما تنعكس في حليب الأم، فهرمونات مثل الميلاتونين والكورتيزول تنتقل مباشرة من دم الأم إلى الحليب، مما يزوّد الرضيع بإشارات بيولوجية تنظم وظائفه الحيوية".
من جانبها، أوضحت البروفيسورة ماريا غلوريا دومينغيز-بيلو أن تصنيف الحليب المستخرج إلى صباحي أو مسائي وتقديمه للرضيع وفقاً لذلك قد يساعد في الحفاظ على التوازن الهرموني والميكروبي الطبيعي للحليب، الأمر الذي يدعم النمو الصحي للطفل ويحسن نومه واستقراره البيولوجي.
- أهمية النتائج
تؤكد هذه النتائج أن حليب الأم ليس مجرد غذاء ثابت، بل نظام ديناميكي متطور، مصمم لدعم الرضيع وفق توقيت محدد. ويكتسب هذا الأمر أهمية خاصة في المجتمعات الحديثة، حيث تلجأ العديد من الأمهات إلى تخزين الحليب المستخرج لاستخدامه لاحقاً.
ويخلص الباحثون إلى أن مواءمة وقت الرضاعة مع وقت الاستخلاص خطوة بسيطة وفعالة لتعظيم فوائد الحليب، بما يعزز مناعة الطفل، ينظم نومه، ويحسن استقلاب جسمه ونموه على المدى الطويل.