عدنان علامه -عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
إصرار على خرق الدستور والطائف لتجريد لبنان من عنصر قوته الوحيد المتمثل بسلاح المقاومة
في رد الرئيس سلام على الصحفيين بعد لقائه الرئيس بري في عين التينة، كشف الرئيس سلام مرة أخرى عن نهجه الخطير في التعامل مع قضية سلاح المقاومة.
فالرئيس سلام لا يتحدث عن استراتيجية دفاعية وطنية كما نصّ اتفاق الطائف في فقرته الثالثة، بل يبتدع مصطلحًا هجينًا هو "الاستراتيجية الأمنية"، حاصرًا البحث فيها بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، متجاهلًا حقائق الدستور وضرورات حماية الوطن.
وبهذا المسلك، يتضح أنه يسعى إلى كسب الوقت فقط من أجل تحقيق هدفه النهائي: سحب سلاح حزب الله حتى قبل الإنسحاب الكامل حتى الحدود الدوليةأن يصبح الجيش قادرًا على الدفاع عن الحدود.
والأخطر أن الرئيس سلام يستند في موقفه إلى ما سمّي بـ "ورقة برّاك" أو "الأهداف الأمريكية" ، التي لا تحمل أي صفة دستورية أو قانونية.
فالمبعوث الأميركي لا يملك الحق بفرض "إملاءات" على مجلس الوزراء أو على الدولة اللبنانية، ولا يجوز التعاطي مع ورقته إلا كوثيقة سياسية باطلة لا قيمة لها. كما أن ما يسمّى بـ "إعلان وقف إطلاق النار" لا يرقى إلى مرتبة الاتفاق الدولي، لأنه غير موقع من قبل الأطراف الَمعنية، ولا يحمل سوى ختم القاصي محمود مكيه - امين عام مجلس الوزراء- مدير عام رئاسة مجلس الوزراء- بل هو مجرّد دعوة للالتزام بالقرار 1701، الذي يجب أن يشكّل المرجعية القانونية الوحيدة في هذا المجال.
والمفارقة أنّ الرئيس سلام، بدلًا من التمسّك بالقرار 1701 لإدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على السيادة اللبنانية، والدفاع بكل الوسائل عن لبنان أرضَا وشعبًا؛ لجأ إلى الدفاع عن الإعلان الهش، طالبًا من العدو أن يلتزم به، وكأن المشكلة في الورقة لا في الاحتلال المستمر والخروقات اليومية.
هكذا يكرِّس الرئيس سلام نهجًا يُضعف لبنان، ويعرِّيه أمام قوات الإحتلال، بدل أن يتمسك بالدستور والقرارات الأممية والشرعية.
إن إصرار الرئيس سلام على نزع سلاح المقاومة في ظل وجود الاحتلال على أجزاء من لبنان، يمثل خرقًا فاضحًا للدستور ولروح اتفاق الطائف، ومحاولة خطيرة لجرّ البلاد إلى مواجهات داخلية تخدم مشروع الفتنة الإسرائيلية ـ الأميركية.
الدفاع عن لبنان لا يكون بتجريد شعبه من عوامل قوته، ولا بتبني إملاءات مبعوثين خارجيين، بل بالتمسك بخيار المقاومة والإلتزام الصارم بالقرار 1701 حتى يزول الاحتلال وتُحمى السيادة الوطنية كاملة.
إن ما يقوم به الرئيس سلام ليس مجرد إجتهاد سياسي، بل هو انخراط كامل في مشروع أميركي ـ إسرائيلي يهدف إلى تجريد لبنان من عناصر قوته وإدخاله في فوضى داخلية مدمّرة. فمن يتبنّى ورقة براك ويتنازل عن القرار 1701، ويجعل نفسه أداة ضغط على المقاومة، إنما يضع نفسه في خانة من ينفّذ أوامر الخارج على حساب الدستور والطائف والمصلحة الوطنية.
ولذا فإن الشعب اللبناني مدعوّ لرفض هذه المغامرة الانتحارية، التي لن تخدم إلا إسرائيل ومن خلفها واشنطن، بينما تترك لبنان أعزلًا في مواجهة أطماع الاحتلال.
وإنَّ غدًا لناظره قريب
09 أيلول/سبتمبر 2025