تشير أحدث الإحصائيات الحكومية الألمانية، التي نقلتها وكالة الأنباء الألمانية، إلى مفارقة لافتة في مسار ملف اللجوء السوري، فمنذ سقوط نظام الأسد وحتى نهاية آب/أغسطس، عاد إلى سوريا نحو 1867 لاجئا فقط بدعم مباشر من الحكومة الألمانية، في حين تقدّم السوريون خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي بما يزيد عن 17 ألفا و650 طلب لجوء جديد.
عودة محدودة رغم الحوافز
تؤكد الأرقام أن العودة ما تزال هامشية قياسا بحجم الجالية السورية في ألمانيا، وهي الأكبر بين مجتمعات اللاجئين، فرغم الحوافز المالية التي وفّرتها برلين، يبقى قرار العودة بحسب آراء اللاجئين محفوفا بالمخاطر في ظل واقع سوري غير مستقر سياسيا وأمنيا، مع بنية تحتية متآكلة وفرص عمل شبه معدومة.
طلبات لجوء جديدة تعكس أزمة الثقة
في المقابل، يعكس استمرار تقديم آلاف الطلبات الجديدة أن صورة سوريا في الخارج لا تزال مرتبطة بانعدام الأمان وضبابية المستقبل.
بالنسبة لكثير من السوريين في الداخل أو دول الجوار، يبدو اللجوء إلى أوروبا – رغم تعقيداته – خيارا أكثر أمانا من البقاء في بلد يعيش مرحلة انتقالية مضطربة.
التحدي الأوروبي: عودة متعثرة وتدفق متجدد
هذا الواقع يضع ألمانيا وأوروبا أمام تحدٍّ مزدوج: إدارة برامج العودة الطوعية التي لم تحقق نتائج ملموسة، وفي الوقت ذاته التعامل مع موجة جديدة من طلبات اللجوء، بما يعيد الجدل حول سياسات الدمج والقدرة الاستيعابية للمجتمعات الأوروبية.
ختاما تكشف المفارقة أن سقوط النظام لم يكن كافيا لإقناع غالبية اللاجئين بالعودة. غياب الضمانات الأمنية والسياسية، وضعف الاقتصاد، وتعدد القوى المسلحة، تجعل العودة أقرب إلى مغامرة فردية. وهكذا تستمر دوامة اللجوء والهجرة، بينما يبقى الاستقرار الشامل في سوريا هو الشرط الحقيقي لإنهاء هذه الحلقة المفرغة .