سوريا بين القصف والتفاوض: إعادة تشكيل المعادلة الاستراتيجية
مقالات
سوريا بين القصف والتفاوض: إعادة تشكيل المعادلة الاستراتيجية
وائل المولى
10 أيلول 2025 , 23:12 م

الضربات الإسرائيلية الأخيرة ضد مستودعات الذخيرة في سوريا لم تكن حدثاً عابراً في سلسلة الاعتداءات المتكررة، بل بدت جزءاً من استراتيجية تهدف إلى “تصفير” القدرات النارية، وتكثيف الاستهداف يشير إلى رغبة واضحة في حرمان سوريا من أي قدرة على الصمود إذا اندلعت مواجهة أوسع، أي إدارة المعركة قبل وقوعها عبر التحكم في مصادر القوة.

البعد السياسي لهذه الضربات 

بالتوازي مع العمليات العسكرية، يستمر فتح قنوات سياسية بين دمشق وأطراف إقليمية ودولية، في مشهد يعكس ازدواجية ملحوظة من جهة استباحة المجال السيادي، ومن جهة أخرى الدخول في مسار تفاوضي، هذه المفارقة تعكس طبيعة الأزمة السورية اليوم، حيث لم يعد الفصل ممكناً بين الضغط العسكري والحوار السياسي؛ فكلاهما يتحركان ضمن معادلة واحدة.

إعادة رسم النفوذ في سوريا 

إسرائيل لا تكتفي بمحاولات إضعاف القدرات العسكرية السورية فحسب ، بل تعمل على إعادة هندسة الجغرافيا السياسية. فقد أُغلق الباب أمام تمدد تركيا في وسط وساحل سوريا، وتم تثبيت “خطوط حمر” تحول دون إعادة التموضع العسكري في هذه المناطق. بمعنى آخر، القصف ليس مجرد رسالة أمنية، بل أداة لإعادة ترتيب النفوذ داخل سوريا ورسالة بالنار للأتراك (ممنوع عليكم التمدد داخل هذه المدن ).

المفاوضات تحت النار

الخطاب الإسرائيلي حول التفاوض مع دمشق يتزامن مع استمرار الاستهداف الجوي، وهذا يعكس نمطاً ثابتاً في الاستراتيجية الإسرائيلية المفاوضات ليست لتقاسم النفوذ، بل لفرض المعادلات، والرسالة إلى الحكومة السورية واضحة حدود اللعبة مرسومة مسبقاً بالنار، وأي تجاوز لها سيُقابل بالتصعيد وهذا الأسلوب الذي يعتمده الإسرائيلي مع لبنان وغزة والضفة الغربية .

سوريا اليوم تقف أمام معادلة مركبة استهداف عسكري متواصل يضعف عناصر قوتها، ومفاوضات سياسية تجري تحت سقف هذه الضغوط. التحدي الجوهري يكمن في كيفية صياغة مقاربة تحافظ على الحد الأدنى من السيادة الوطنية، وسط بيئة إقليمية يعاد رسمها بالنار والاتفاقات معاً .

المصدر: موقع اضاءات الإخباري