من ميتافيزيقيا الغاب إلى جينالوجيا الخراب، يتجلى الغاصب كضبع جائع لايشبع، ينهش بعقله قبل نابه، ويخاتل بذنبه قبل خطوه. فلا عهد له ولاميثاق، ولا أمان في قاموسه السياسي إذ يقيم إستراتيجيته على خيانة العقود، ونقض العهود، وتفخيخ الجوار بمفردات الخوف والرعب والإبتزاز.
وهاهو في سلوكه العدواني الأخير، لم يتورع عن التهام جزء من محيط طالما ظن نفسه انه في مأمن بظل الطاغوتين؛ فإذا بالضبع يختبر مخالبه في خاصرة رخوة، جنوبية البحر حيث الموانئ محاطة بأبراج زجاجية، حيث أبراجها لا تقيها من أنياب مفترس يقطر منها دماء ستون ألف ضحية في قطاع الصبر، قطاع الموت. مفترس لايعرف إلا لغة النهم.
وهناك حيث أقيم المونديال لم ولن يطفئ أوهام الأمن والأمان، حيث تكشف للعقلاء أن الإستعراض لايحجب حقيقة الخطر.
إن ذلك السلوك لم يكن سوى مرآة مكبرة لطبيعة هذا ”الكومودو": نزعة راديكالية عدوانية، سايكولوجيا الخوف الموجه، وعقيدة أمنية تبني قوتها على تفكيك الآخرين. هنا تتضح المعادلة: من يراهن على الضباع، يحصد من أنيابها قبل أن يجني من وعودها.
وهنا أوجه رسالتي إلى الشعوب والجيوش الشقيقة كتحذير صارم بل إستراتيجي، موجه خصيصا إلى الممالك والسواحل والخليجيات:
إن تمدد هذه الغدة السرطانية والكيان الإصطناعي، ليس مظلة ولا سقفا، بل خنجرا مسموما مغروسا في خاصرة الأمة، إن لم يستدرك، سيتحول الوهم بالأمان إلى طوفان من الإضطراب والفوضى، وما بعد الفوضى إلا الإرتهان الكلي لمشيئة هذا الشيطان وسيده الأكبر.
فالضباع مهما بدت متهادنة في هدير الليل، لاتبدل طباعها: أنياب تنهش وأذناب تتلوى.ومن لم يتعظ اليوم، فلم يجد غدا إلا الخراب الذي يزحف في صمت ثم ينقض في لحظة.
فالحذر ثم الحذر من وهم منمق ببريق زائف. فالضبع لا يصير حملا وديعا؟!
والعدو اللدود لايتحول حليفا، ومن ظن أن الأمان يستورد من الطاغوتين، فقد سلم رقبته لأنياب لاتعرف إلا الإفتراس. إنها ساعة الوعي لا ساعة الوهن، وساعة الصحو لاساعة الغفلة، فأما يقظة تحفظ الكرامة، وإما غفلة تفتح أبواب الهاوية.
فلتعلموا أنه عدو الأمة العربية والإسلامية وعدو الإنسانية بأكملها...بمصافحته، لاأمن ولاأمان ولاإيمان.
مفكر حر، وإعلامي سابق في الغربة