كشفت مجموعة من العلماء اليابانيين عن ابتكار ثوري قد يغيّر مستقبل استكشاف الفضاء ويضمن سلامة الأقمار الصناعية والبعثات الفضائية، فقد أعلن الدكتور كازونوري تاكاهاتشي من جامعة توهوكو عن تطوير محرك بلازمي مزدوج الاتجاه مزودا بمجال مغناطيسي، قادر على إزالة الحطام الفضائي من المدار بكفاءة غير مسبوقة.
أزمة الحطام الفضائي تهدد المدار الأرضي
بحسب وكالة الفضاء الأوروبية (ESA)، يحيط بكوكب الأرض أكثر من 36 ألف قطعة حطام فضائي يتجاوز حجمها 10 سنتيمترات، إضافة إلى ملايين الشظايا الصغيرة التي تتحرك بسرعات هائلة قد تصل إلى عشرات آلاف الكيلومترات في الساعة. وتشكل هذه الأجسام خطرا بالغا ، إذ يمكنها اختراق الأقمار الصناعية أو حتى تهديد محطة الفضاء الدولية. هذا الخطر المتنامي يُعرف بـ"متلازمة كيسلر"، وهو سيناريو كارثي قد يجعل المدار غير صالح لإطلاق أي صواريخ مستقبلية.
طرق التخلص من الحطام الفضائي
منذ سنوات يعمل العلماء حول العالم على ابتكار وسائل للتعامل مع هذه المشكلة:
1. الطرق التلامسية: عبر أقمار صناعية مزودة بشباك أو حراب لالتقاط الحطام ودفعه نحو الغلاف الجوي ليحترق.
2. الطرق غير التلامسية: باستخدام الليزر أو الحزم الأيونية والبلازمية لإبطاء سرعة الأجسام ودفعها نحو الغلاف الجوي.
التقنية اليابانية الجديدة تنتمي إلى الفئة الثانية، وتعد واحدة من أكثر الحلول الواعدة.
ابتكار المحرك البلازمي المزدوج
الفكرة التي طرحها تاكاهاتشي مع زملائه منذ عام 2018 تعتمد على مبدأ نيوتن الثالث: كل قوة فعل يقابلها رد فعل. فعند إطلاق تيار بلازمي نحو الحطام، يتأثر أيضًا القمر الصناعي الدافع بالقوة المعاكسة. لحل هذه المعضلة، طُورت منظومة ثنائية الاتجاه بحيث يعمل تياران بلازميان: الأول يبطئ الحطام، والثاني يعوض قوة الدفع المضادة ويحافظ على استقرار الجهاز.
الجديد في النسخة المطوّرة هو إضافة مجال مغناطيسي من نوع "كاسب"، وهو تصميم يُستخدم عادة في المفاعلات الاندماجية. هذه التقنية زادت قوة التأثير على الهدف بنسبة 20%، بحيث تمكن المحرك بقوة 5 كيلوواط من إحداث تباطؤ قدره 25 ملي نيوتن، أي ما يكفي لإبطاء جسم يزن طناً كاملاً خلال 100 يوم فقط. كما تم استبدال غاز الزينون الباهظ الثمن بغاز الأرجون الأرخص والأكثر وفرة.
التحديات المقبلة
رغم نجاح الاختبارات في غرف تفريغ على مسافات قصيرة لا تتجاوز 30 سم، إلا أن التحدي الحقيقي سيكون في الفضاء الحقيقي، حيث يجب:
الحفاظ على مسافة آمنة بين المحرك والحطام.
استهداف الأجسام المتحركة بدقة عالية.
إدارة استهلاك الوقود بفعالية.
ورغم هذه العقبات، يصف العلماء هذا الابتكار بأنه أحد أكثر الحلول الواعدة للتعامل مع خطر متلازمة كيسلر وحماية مستقبل الأنشطة الفضائية.