إنها دماء شهداء غزة و لعنة دمشق تقتص ممن أثخن جراحهما و دمر بنيان الشام السياسي و الاجتماعي و دورها المحور…
مقالات
إنها دماء شهداء غزة و لعنة دمشق تقتص ممن أثخن جراحهما و دمر بنيان الشام السياسي و الاجتماعي و دورها المحور…
علي وطفي
15 أيلول 2025 , 00:30 ص


ما ان هوى جدار دمشق الشام نتيجة استثمار الدم و مئات مليارات الدولارات في الإنقلاب على نظام كان نوعا ما سيادي القرار و يحافظ على شيء من المبادئ في سياسات الرفض و عدم الإذعان و أحد أركان الامن القومي العربي و ضمانته سابقا.

التقط اللحظة نتنياهو التاريخية لإزالة دور الجيش السوري بكل امكانياته التي تفوق ال 350 ألف صاروخ معظمها تم تطويره بكوادر محلية في مراكز البحوث العسكرية الوطنية وأسلحة استراتيجية متنوعة هباءً منثورا، كما اراد له عملاء الكيان المحليون العرب و الإقليميين.. سقط آخر خط دفاع يمكن الاعتماد عليه في وقف التوسع الاسرائيلي بدليل انفلات المتوحش الاسرائيلي من عقابه بلا ضوابط في استباحة لم تعهدها المنطقة منذ سايكس و بيكو بعد إنهيار النظام.

ما يجري اليوم هو نكسة جماعية عميقة و مزلزلة أوصلنا إليها من تآمر على عبد الناصر لوقف مده القومي و قتله ، سقطت خزعبلات أنظمة طالما افتخرت بعلاقاتها مع واشنطن و كدست الاسلحة بمئات المليارات في المتاحف و لم تستطع حماية نفسها بل كي تقاتل بها جيران أشقاء..

لم نسمع أن صاروخ انطلق للمواجهة او رادار يكشف و يتصدى للهجوم على قيادة حماس في الدوحة اين كل هذا السلاح ..؟ و كما يقال تدور الدوائر ، و من لا يحسب يغلب..

النظام القطري (الوظيفي) كان السجادة الحمراء التي دخل بها الكيان على بيوت العرب والمسلمين وهو ذاته قدم الاستثمارات الهائلة لخدمة مشروع اسرائيل وكانت الجزيرة منبر للادماج و تسلل الى الجسد العربي ، قدموا كل ما باستطاعتهم وكانت من خدمات و كانت المكافأة المفاجأة ، ربما يقول قائل: ان ما جرى من استهداف لقيادة حماس هو لعبة مشتركة و هذا وارد ، فهذه الانظمة و هذا دورها و لا شيء اقذر من وسيلة السياسة للبقاء على العرش.. و من غير المستبعد ان النظام في قطر كان على علم بالعملية ،لأن الادعاءات حول عجز الدفاعات الجوية القطرية غير صحيحة نعلم كيف عملت هي ذاتها على إسقاط الصواريخ الإيرانية الموجهة إلى القاعدة الأمريكية في قطر ، مقارنة برد الفعل اليوم على القصف الاسرائيلي ، و إن لم يكن كذلك فالمصيبة اعظم ، أي ان نظام قطر و الاخرين (الحلفاء) لا شيء عند واشنطن و خاصة بنظر ترامب ليسوا إلا بيت مال له و لتل أبيب و من يؤكد انا ما جباه ترامب من حق شعوبنا من الثروة ليس لاسرائيل حصة فيه.؟

و احتفظ بحق الرد رأس الامارة و نتذكر عندما كان إعلامه يسخر من عبارة دمشق ، المنهكة و التي تكالب عليها نهشا كل ذئاب الكون الشاردة المسعورة، اما مقاربة الجزيره للحادث غريب من نوعه و مكانها لا يبعد بضعة كيلو مترات حتى مراسل لم ترسل الى موقع القصف ، بل ملأت اثيرها بمواقف الدول و تداعيات العملية. إذا يحصدون نتيجة استزلامهم الذي لم ينفعهم ، كأنهم لا يعلمون ان الكيان هو الوحيد المدلل التي تنفذ طلباته و رغباته عند الإدارات الامريكية منذ ولادته ، عندما تكون الإمارة و تركيا اردوغان يعملون وسطاء بتكليف من نتنياهو بين قاتل و شقيق ضحية هل هذا مقبول اصلا .؟ اما رئيس النظام التركي صدع رؤوسنا بتصريحاته الخلبية منذ استلامه السلطة عن إخوته في غزة و المستغرب ان غالبية العرب والمسلمين ما زالوا يصدقونه ، و بين الفترة و الاخرى يؤكد على قطع العلاقات التجارية مع تل ابيب هي المرة الثالثة خلال طوفان الاقصى "كذبة نيسان" و لم يتجرأ على طرد السفير الاسرائيلي و حتى استدعائه.

هو بداية حساب ما اقترفت إيديهم في سوريا تحديدا و التباكي على اطلال غزة و أشلاء اطفالها و التي لم ترقى إلى ردة الفعل التي رأيناها اليوم.

كان الجيش السوري السابق اقلها يتصدى لصواريخ المعتدين و يسقط العديد منها عندما كانت الطائرات تقصف مواقع من خارج المجال الجوي السوري اي كان هناك إرادة بالدفاع والوقوف امام الاستباحة الوطنية ، أما بعد ان حل الرئيس المؤقت الجيش و ارسل كوادر الدفاع الجوي و منصات الصواريخ ، خطوة واول الشروط لكي يصل الى كرسي السلطة نرى المسيرات و الطائرات تكاد تحجب الشمس عن البلد .

إذا هو سر غضب دمشق و كابوسها يلاحق كل من غدر بها و لابد من دفع الثمن بعد سقوطها و نحن الخطوط الحمراء تمحى عن اي نظام عربي ابراهيميا او مطبعا ، نتنياهو أوصل رسالة مفادها ان لا احد على راسه ريشة و واشنطن لن تنفعكم هو لسان حال صواريخ نتنياهو الى تميم بداية ، وهل اذكر بما تفاخر به ترامب في ولايته الاولى " اسبوع واحد بقواكم الذاتية لن يمكنكم الاستمرار في السلطة بل بدعمنا نحن تحكمون."

انقلب المشهد و لم تعد حاجة تل أبيب بعد اليوم للتطبيع فهي تأخذ ما تريد بالقوة فهي لا ترى بعد اليوم حدود لدول و انظمة تحكم ، و تعلم ان اقوى ما يمكن الرد به عليها ة هي بيانات استنكار و شجب من موسسة القرطة العربية و مؤسسة الامم المتحدة ، التي واضح أن الامم المتحدة اصبحت اليوم تاخذ بيان الجامعة العربية تترجمه إلى الانكليزية بعد ازالة ترويسة الجامعة العربية و تستبدلها بترويسة الامم المتحدة.

عقود من جليل خدمات النظام في قطر و غيرها ، و ما يسمى الحماية الامريكية النكتة و تبقى مقولة حسني مبارك "المتغطي بالامريكان عريان " الثابت الوحيد ، لا و لم ياخذوا العبر من رجل خدم الامريكان ثلاثين عام ، بعد العدوان حقيقة وجدت انظمة الخليج نفسها بدون غطاء من ترامب الذي حصل على ما يريد و ادار لهم ظهره و تركهم وجها إلى وجه امام وكيله في الشرق الاوسط ، إلى اين سيغادر المستهدفين أو من بقي منهم..؟ ، فزمن "مرج الزهور" ولى ، و زمن نظام البعث و تحدي كولن باول بطلباته اندثر ، ثم هل سييجرؤ اردوغان على كسر كلمة نتنياهو و ترامب و قبول طلب لجوئهم إليه و منحهم حرية التعبير السياسي بعد ان خنقتهم الدوحة منذ بدء طوفان الاقصى حيث لم نرى احدهم ضيفا على منابر الاعلام القطري الذي ينتشر كالفطر بعد الرعد و ميزانيات بمئات ملايين الدولارات ؟ الاموال لا تصنع كرامة وطنية و سيادة و ثانياً اموالكم ليست لكم إنها لرفاهية امريكا والغرب و حاجة للتحكم في البشرية.

انها خلاصة (ربيعهم العربي) الذي انغمست اياديهم في دماء ضحاياه حتى الكتف و بددوا المليارات خدمة لمشروع نتنياهو الذي يبنى على تفتيت الشعوب بالمذهبية و الطائفية ، منذ غزو العراق إلى تفتيت سوريا و مرض لبنان المزمن .

كان على حماس ان تختار بين الإخوانية و المقاومة علماً تاريخ الاخوان لم يكن لهم مشاركة ميدانية على مدار الكفاح المسلح في القضية الفلسطينية لا اذكر واقعة و لا عملية عسكرية ضد الكيان حتى ما يسمى الجهادية السلفية ،السبب لانهم صناعة غير وطنية و وسيلة للخارج ، لذلك قيادتها السياسية تحصد اليوم خطيئة خياراتها ، بدعم واشنطن لنتنياهو قرار مصير كل نظام عربي من رأسه إلى ابسط مواطن فيه في اجتماع الكابنيت الاسرائيلي و السيادة لا يمكن شراءها بل هي قرار وطني له اثمان باهظة ، و مرة جديدة تتحقق او في طريقها نبوءة القذافي الذي أنذر الجميع و من دمشق بأن الدور عليهم آت ،من جهة اخرى بما يخص قيادة حماس و المقارنة بين وضعها اليوم وماكنت عليه في دمشق و لبنان وطهران قبل الحرب على سورية و منذ إقامتهم في قطر و تركيا تعلمون اي حماس كانت و أين اصبحت سياسيا اليوم و مازلنا ننتظر راس المحور الجديد النظام التركي مع قطر و تدفق نهر العسل الاسلامي من أسلاف الحكم العثماني منذ 2008 و على دمشق اليوم وغزة بعد ضرب المحور السابق و التهكم عليه رغم كل الاثمان التي دفعها دعما لحماس و مقاومة لبنان ، لا شيء سوى خداع الراي العام العربي و الإسلامي عبر صواريخ مجنحة إعلانية إعلامية ، بينما كانوا ذئاب على ابناء جلدتهم تمزيقاً و نهشا ، اليوم قافلة نتنياهو تسير و لو كثر النباحون ممن اعتبر نفسه حليفا او وسيطا بين قاتل مجرم و شقيق جائع عار يستباح دمه بلا قفازات ، خليج النفط اصبح فريسة تل ابيب على المكشوف و قد يضطر لدفع المليارات لكف الشر عن انظمته بحكامها و هل ترامب افضل حالا من حكام تل أبيب الذين بحاجة لتذخير جبشهم المضي في عصر الدم العربي و القتل فينا و ليس من اجل طريق امداد مدني لخفض تاثير حصار اليمن على الكيان و حسب.

التاريخ يعلم من يريد التعلم ، إن كانت الشام بخير البقية بخير وليس من الفراغ ان يكون جيش سورية هو الجيش الاول بالنسبة لمصر في العهد الناصري ، و بغض النظر عن شخصية من يحكمها فكل الانظمة سواء في حكم شعبها الفردي الدكتاتوري مع تفاوت الحريات الشخصية الاجتماعية و السياسية ، إنما يتم تقييم دورها السياسي و مواقفها من القضايا على مستوى الإقليم و الٱمة.