تأثير الإفراط في استخدام الهواتف الذكية على الصحة العقلية
دراسات و أبحاث
تأثير الإفراط في استخدام الهواتف الذكية على الصحة العقلية
17 أيلول 2025 , 13:05 م

انتشر مصطلح Brainrot أو "تعفن الدماغ" في لغة الإنترنت والشبكات الاجتماعية، بعد أن روج بعض المدونين لفكرة أن الإفراط في تصفح المحتوى عبر الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي يؤدي إلى تقلص حجم الدماغ.

وقد استند هؤلاء إلى دراسة نُشرت عام 2020 في مجلة Addictive Behaviors، حيث أظهرت فحوصات بالرنين المغناطيسي (MRI) وجود ارتباط بين الاستخدام المفرط للهواتف الذكية وانخفاض حجم المادة الرمادية في الدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن الذاكرة والعواطف ومعالجة المعلومات.

العلماء: لا دليل قاطع على "تدمير الدماغ"

يشير كريستيان مونتيغ، أستاذ علم الأعصاب في ماكاو، إلى أن هذه النتائج ما تزال أولية للغاية، ولا تكفي لاستخلاص استنتاجات حاسمة. ويؤكد أن هناك حاجة إلى دراسات طويلة الأمد مع مؤشرات أكثر دقة، مثل بيانات وقت الشاشة المأخوذة مباشرة من الهواتف، بدلاً من الاعتماد فقط على استبيانات المشاركين.

هل الإدمان على الهاتف الذكي حقيقة أم مبالغة؟

توضح تايانا بانوفا، أخصائية علم النفس في جامعة رامون لوليا في إسبانيا، أن وصف "الإدمان" غالباً ما يُستخدم بشكل فضفاض. فالبعض يقضي وقتاً على الهواتف لمتابعة مقاطع مرحة أو "ميمز"، بينما يستخدمها آخرون للتواصل مع العائلة والأصدقاء، وبالتالي تختلف التأثيرات بشكل كبير من شخص لآخر.

الدماغ يتغير لكنه ليس بالضرورة سلبياً

تشير باريسا غازيراني، عالمة الأعصاب من جامعة أوسلو، إلى أن الدماغ يتميز بما يُعرف بـ"المرونة العصبية"، أي قدرته على إعادة التكيف، ليس كل تغيير في الدماغ ضاراً، إذ يمكن أن تكون هناك تأثيرات إيجابية إذا ساعد الهاتف الذكي على التعلم، العمل أو تعزيز العلاقات الاجتماعية. لكن في المقابل، إذا أدى الإفراط في استخدامه إلى تقليل النوم أو النشاط البدني أو التركيز في الدراسة، فإن الأثر سيكون سلبياً.

تأثير موجود لكن الأدلة غير كافية

يتفق العلماء على أن الهواتف الذكية تؤثر على الدماغ بالفعل، لكن الحديث عن "تدميره" أو "إصابته بالتعفن" لا يزال مبالغاً فيه في ضوء قلة الأبحاث وقصر مدتها الزمنية. ويؤكد الباحثون أن فهم آلية التأثير بشكل أدق سيساعد مستقبلاً في وضع توصيات علمية للوقاية وتعزيز الاستخدام الصحي للتكنولوجيا.

وكانت منصة Наука Mail قد أشارت سابقاً إلى أن الدماغ قادر على إعادة التشكيل حتى في مراحل متقدمة من العمر، حيث أظهرت دراسات أن القراءة يمكن أن تعيد بناء شبكات عصبية جديدة حتى لدى أشخاص في التسعينيات من عمرهم.