* كان الاسبرطيون مجتمعا من المحاربين في اليونان القديمة،مرهوبي الجانب وموقرين ومحترمين نظرا لقوتهم وشجاعتهم وقدرتهم على التحمل.لم تأت قوة الجيش الاسبرطي من مضاء رماحهم،لكنها استمدت من قوة ومتانة دروعهم.ان يفقد المحارب درعه في المعركة كان يعتبر أحد اعظم الجرائم التي يرتكبها الاسبرطي.كان الاسبرطيون يعذرون بلا عقاب المحارب الذي يفقد خوذته او درع الصدر خاصته في المعركة لكنهم كانوا يعاقبون المقاتل الذي يطرح درعه ويتخلص منه بحرمانه من المواطنة.والسبب بسيط للغاية،لان المحارب الذي يعتمر الخوذة ودرع الصدر لحمايته الشخصية لكن درعه لحماية الجميع.
* منذ قيام الكيان الصهيوني على ارض فلسطين تبنت قيادته السياسية والعسكرية العقيدة الاسبرطية بحذافيرها ولكن بمفهوم عصري.فعندما اقدم اسحاق رابين رئيس الحكومة الاسرائيلية على توقيع اتفاق اوسلو مع ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية في ١٣ ايلول/سبتمر ١٩٩٣ قام ايجال امير وهو طالب قانون باغتيال رابين في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر ١٩٩٥ في ميدان "ملوك اسرائيل"في مدينة تل ابيب.لقد نفذ ايجال امير قانون المجتمع الاسبرطي الصهيوني بحق رابين الذي تخلى عن درعه وبهذا ارتكب خيانة عظمى فكان جزاؤه رميا بالرصاص.
* انعقدت القمة العربية في القاهرة في ١٣ كانون الثاني/يناير ١٩٦٤.توافق الزعماء العرب على انشاء منظمة التحرير الفلسطينية بهدف((تنظيم الشعب الفلسطيني لتمكينه من لعب دور في تحرير وطنه وتقرير مصيره)).بعد حرب حزيران/يونيو ١٩٦٧ التي احتلت فيها اسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية والجولان السوري اتخذت الفصائل الفلسطينية الحديثة التشكيل من الاردن منطلقا لعملياتها العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي.وفي نفس الوقت وضعت ضمن اولوياتها السيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية وكان لها ذلك.كانت الفصائل الفلسطينية بمثابة الاسباط الذين توافقوا على الميثاق القومي الفلسطيني.من اخطر الظواهر السلبية على القضية الفلسطينية كان الولاء للسبط وليس للاطار الجامع "منظمة التحرير الفلسطينية"وكان لكل سبط رؤيته النابعة اما من رؤية النظام العربي الذي فرضه على الساحة الفلسطينية ليبرئ ذمته من هزيمة حرب ١٩٦٧
او الى ايديولوجيات يسارية او الى الطبقة ذات المهارة في عقد الصفقات والاتفاقيات والتي لا تؤمن بالثورة المستمرة حتى تبلغ نهايتها المنطقية في التحرير والعودة.
كان اتفاق اوسلو على يد هذا السبط.لم يقدم اي احد من الاسباط او من الشعب الفلسطيني على محاسبة ومعاقبة من خرج على الميثاق القومي الفلسطيني الجامع والذي تنكر لقرارات الامم المتحدة المعروفة بقرار التقسيم رقم ١٨١ الذي قامت على اساسه دولة اسرائيل الى جانب قيام دولة فلسطينية او القرار رقم ١٩٤ الخاص بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين او التعويض.تم اختزال القضية الفلسطينية في قراري هيئة الامم المتحدة رقم ٢٤٢و ٣٣٨ الصادرة بعد حرب ١٩٦٧ والتي لا تمس جوهر القضية الفلسطينية.فحسب الفقرة (ب)من البند رقم( ١ ):(( من المفهوم ان الترتيبات الانتقالية هي جزء لا يتجزأ من عملية السلام بمجملها،وان المفاوضات حول الوضع الداىم ستؤدي إلى تطبيق قراري مجلس الأمن الدولي ٢٤٢و ٣٣٨.
*بعد ان قام كبير الاسباط بتوقيع اتفاق اوسلو وملحقاته واستقر في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة ،هرع الاسباط الذين تظاهروا بمعارضتهم لاتفاق اوسلو لاقتسام ما اعتبروه غنيمة من مغانم الاتفاق.ووقفت جميع الاسباط على ارضية اوسلو وشاركوا في الانتخابات التشريعية وتنازعوا فيما بينهم سواء من اصحاب الفكر اليساري أو من ذوي اللحى الطويلة والدشاديش القصيرة.
*عملت اسرائيل على تحويل الضفة الغربية الى سجن مفتوح وحولت قطاع غزة الى سجن مغلق ومحاصر،وفوق ذلك جعلته ميدان رماية لاسلحتها حيث شنت عليه اكثر من عشرين عملية عسكرية كبيرة ومتوسطة.منذ ذلك الحين والصراع يدور بين الاسباط المتفرقين الذين لا سند لهم والاسبرطيين المتحدين والذين يقف حلف الناتو وعلى راسه الولايات المتحدة الأمريكية سياسيا وعسكريا واقتصاديا معهم.
* بعد عملية طوفان الاقصى في السابع من تشرين الاول/اكتوبر ٢٠٢٣ التي اطلقتها حركة" "حماس"من قطاع غزة المحاصر واعلنت ان الهدف من هذه العملية هو: (( تحرير كافة الاسرى،وعدم التعرض للمسرى )).اذن العملية كانت ذات سقف ثابت ومحدد.تنتهي حسب تصور " حماس"بتحقيق مطالبها،لكن الحرب التي يبداها طرف معين ليس بيده قرار ايقافها.وعلى الفور دخل الكيان الصهيوني الحرب برؤية استراتيجية واضحة وضوح الشمس عبر عنها بنيامين نتنياهو: ((الحرب على غزة لن تتوقف الا بالقضاء المبرم على حماس وتهجير مواطني القطاع وان لا مكان لحماس بمستقبل غزة )).شن جيش الكيان الإسرائيلي حرب الابادة الجماعية والتطهير العرقي والتدمير الممنهج للقطاع وحوله الى ارض غير قابلة للحياة وقتل اكثر من ستين الف فلسطيني واكثر من مئتي الف جريح ومفقود،بالاضافة الى عمليات التجويع.صار مطلب المفاوض الفلسطيني وقف الحرب متجاهلا ان الحرب ليست مباراة كرة قدم اللاعبون فيها محدودي العدد وتبدأ بصافرة من الحكم وتنتهي بصافرة منه ايضا بصرف النظر عن نتيجتها.فالحرب على العكس من ذلك،فهي مفتوحة بلا سقف زمني وبلا عدد محدد لللاعبين فيها،وتستمر حتى يحقق احد اطرافها نصره البائن ويقبل الطرف الآخر بهزيمته.ان الخطا الاستراتيجي الذي ارتكبه المفاوض الفلسطيني كان دخوله في عملية التفاوض على اسرى الكيان لديه لانه لا يعرف عقيدة هانيبال التي يعتمدها الجيش الاسرائيلي التي تفرض عليه اطلاق النار وقصف الاسرى الذين يقعون في ايدي العدو.
* بعد ان تمكن الجيش الاسرائيلي من تدمير القطاع وقتل قيادات الصف الاول والثاني،واغتال صالح العاروري في لبنان واسماعيل هنية في طهران،صعد نتنياهو حملته على قيادات "حماس"في الخارج،واقدم على مهاجمة مقر الوفد المفاوض في الدوحة.صحيح ان الضربة لم تححق اهدافها حسب ما هو معلوم حتى الان.لكن "الذئب الموسادي"الذي شم رائحة الدم لن يتوقف عن ملاحقة طرائده.صرح سفير اسرائيل في واشنطن يحبئيل لايتر في مقابلة على قناة فوكس نيوز الامريكية:(( سنتمكن من قتل قادة "حماس" في المرة المقبلة.وان تل ابيب ستواصل ملاحقة واستهداف قادة حركة "حماس")) وذلك عقب الهجوم على مقر الوفد المفاوض التابع للحركة في العاصمة القطرية الدوحة وعند سؤاله عما اذا كانت اسرائيل قد نجحت في استهداف قادة "حماس"اجاب لايتر:(( ان لم نتمكن منهم هذه المرة فسنتمكن في المرة القادمة)).
بناء على هذه المواقف والتصريحات المعلنة،ينبغي على قيادة "حماس"في الخارج ان تكف عن التفاوض وتنزل تحت. الارض بعيدا عن الانظار وتنزل منازل الضالعين في التخفي،وتترك للسلاح وللمقاومين في غزة ان يقولوا كلمتهم في الميدان
الحق هو اسماع الناس بما لا يرغبون في سماعه.
هل انتم مستمعون ؟
مهندس زياد ابو الرجا