يُعتبر انقسام الخلية حجر الأساس للحياة، فهو العملية التي تضمن توزيع المادة الوراثية بدقة بين الخلايا الجديدة، ومع ذلك، ظل هناك جزء غامض من هذه العملية لم يفهمه العلماء تمامًا، وهو ما يُعرف بـ "تاج الانقسام"، طبقة بروتينية رقيقة تحيط بالكروموسومات وتلعب دورا حاسما في نجاح عملية الانقسام.
ما هو "تاج الانقسام"؟
عند بدء انقسام الخلية، يجب أن تتحرك الكروموسومات نحو مواقع محددة بدقة متناهية، هذه العملية تتم بإشراف آلية بروتينية معقدة تسمى الكينيتوكور.
الطبقة الخارجية من الكينيتوكور، المعروفة باسم التاج، تساعد على ترتيب الكروموسومات بشكل صحيح، وتطلق الإشارات اللازمة لبدء الانفصال، وأي خطأ في هذه المرحلة قد يقود إلى اضطرابات وأمراض خطيرة.
فك شيفرة تاج انقسام الخلية
دراسة هذه البنية كانت شبه مستحيلة، إذ لا يمكن فصل التاج عن الخلية، لكن فريق الباحث أندريا موزاكيو من معهد ماكس بلانك لعلم وظائف الأعضاء الجزيئي، قضى أكثر من 20 عاما في إعادة بناء هذه الآلية خطوة بخطوة داخل المختبر.
وبعد جهود طويلة، تمكن العلماء من رسم خريطة ثلاثية الأبعاد شبه كاملة للكينيتوكور، لكن سر التاج ظل لغزا حتى وقت قريب.
بروتينان يصنعان التاج
البحث الجديد الذي أجرته فيرينا تسمنتوفسكي وأندريا موزاكيو، ونُشر في مجلة Science Advances، توصل إلى أن التاج يتشكل نتيجة تفاعل بروتينين أساسيين:
BUB1
BUBR1
هذان البروتينان يعملان كـ "نواة" يتجمع حولها باقي مكونات التاج.
آلية مزدوجة لضمان الدقة
أوضح العلماء أن عملية بناء التاج تسير عبر مسارين متوازيين:
كل مسار يشكل جزءًا من البنية.
معا، يضمنان تكوين تاج قوي ومرن.
هذا النظام المزدوج يوفر حماية إضافية ضد الأخطاء: فإذا حدث تأخير في أحد المسارين، يكمل الآخر عمله لضمان دقة العملية.

دور التاج أثناء الانقسام
في المراحل المبكرة: يساعد التاج الكروموسومات على التموضع بشكل صحيح.
في المراحل اللاحقة: يختفي التاج بمجرد أن تصبح الكروموسومات جاهزة للانفصال.
بدون هذه البنية الدقيقة، قد توزع الخلية المادة الوراثية بشكل غير صحيح، مما يؤدي إلى اضطرابات وراثية أو أمراض.
أهمية الاكتشاف
يشير الباحثون إلى أن هذا الكشف يمثل تقدما كبيرا في فهم الآليات الخلوية، ومعرفة كيفية تشكل "تاج الانقسام" تفتح المجال لدراسة أعمق للأخطاء الجزيئية المرتبطة بالأمراض، وربما تطوير طرق جديدة للوقاية أو العلاج.