أفاد باحثون من خلال سلسلة تجارب نفسية أن العزلة الاجتماعية تثير في أدمغتنا مشاعر مشابهة للألم الجسدي، وأن هذا الإحساس بالرفض مرتبط بشكل مباشر بالشعور بالشماتة عندما يتعرض من أساء إلينا للفشل أو الخسارة. ونُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة Journal of Experimental Social Psychology، ونقلتها منصة Наука Mail.
كيف ترتبط العزلة بالشماتة؟
من الشائع أن يمر الإنسان بمواقف يُستثنى فيها من التقدير أو المشاركة:
في العمل، حين لا يُدعى إلى مشروع مهم.
في الأصدقاء، حين يُتجاهل في تجمع أو نشاط.
في الألعاب، حين يتجنب اللاعبون تمرير الكرة إليه.
هذه التجارب اليومية من العزلة أو التهميش كانت محور اهتمام علماء النفس، حيث أرادوا معرفة كيف تنعكس على المشاعر العدائية والشماتة.
التجارب العلمية: لعبة الكرة كنموذج
أجرى الباحثون أربع تجارب مختلفة باستخدام لعبة بسيطة تعتمد على تمرير الكرة بين مجموعة من المشاركين، مع استبعاد أحدهم عمدا من اللعبة.
أبرز النتائج:
1. الشماتة موجهة نحو "المسيء":
عندما يُستبعد شخص ما، فإنه يفرح فقط عند تعرض المستبعِد للفشل، بينما لا يبدي اهتمامًا بأداء الآخرين.
2. تأثير العدالة الاجتماعية:
إذا تمت العزلة دون سبب عادل، أظهر المشاركون شعورًا بالشماتة تجاه المسيء. لكن عند وجود مبرر (مثل سوء السلوك)، اختفى هذا الشعور.
3. رد فعل المشاهدين:
حتى المراقبون الخارجيون شعروا بالشماتة تجاه من مارس العزلة.
4. ظاهرة “Glückschmerz”:
عندما ينجح المستبعِد، يشعر الآخرون بالانزعاج من نجاحه، وهو ما أطلق عليه الباحثون مصطلح "ألم السعادة" المشتق من الألم الألماني Glückschmerz.
التفسير النفسي: الحاجة إلى العدالة
تشير نتائج الدراسة إلى أن الشماتة ليست مجرد سلوك عدائي، بل هي استجابة عاطفية مرتبطة بشعور الإنسان العميق بضرورة تحقيق العدالة. الناس يتوقعون أن تُعاقب التصرفات السلبية، وأن ينال المسيء نتيجة أفعاله.
ويقول عالم النفس آندي هيلز (Andy Hales):"الخطوة القادمة هي فهم لماذا بعض الأشخاص يميلون إلى التعاطف أكثر، بينما يستمتع آخرون بالشماتة عند فشل غيرهم."