عبد الحميد كناكري خوجة: همزة وصل...وهمزة فصل.
مقالات
عبد الحميد كناكري خوجة: همزة وصل...وهمزة فصل.


لسنا كلمات مبعثرة، بل قواعد صارمة: ولسنا جملا ناقصة، بل إعرابا تاما. فإذا كانت همزة الوصل تربط الألفاظ في لغة الضاد، فهي عندنا جسر المقاومة بين غزة العزة ولبنان الشموخ، بين الحق والحق، بين الدم والشرف. وإذا كانت همزة الفصل تميز الكلمة عن أختها، فهي هنا حد قاطع بين الأحرار والخونة، بين المقاوم المدافع عن شرف وكرامة الأمة العربية والإسلامية والمسيحية والمنبطح المتخاذل، بين الشريف والزنديق. وحين تتقاطع السياسة مع الميتافيزيقيا، وحين تتشابك الجينالوجية التاريخية مع السيميولوجيا الواقعية، نصبح أمام سؤال وجودي: أين يقف الأحرار، عندها تنكشف المعادلة: وصل يوحد الأحرار، وفصل يقطع حبال العصاة، إن وقوفنا مع غزة ولبنان واليمن ليس عاطفة طارئة، بل قاعدة نحوية راسخة: مبتدأها الحق، وخبرها الحرية.

هو تركيب إسنادي تتوالى فيه الجمل، شرطها الشهادة وجوابها الإنتصار. ومع جنوب لبنان الأبي، نقف نحن في موقع المضاف إليه، لاينفصل عن مضافه إلا بخيانة لغوية أو سياسية. لقد صارت المقاومة الوطنية اللبنانية والفلسطينية واليمنية والجنوبية لبلد الأبجدية، هي الفعل المضارع الدائم التجديد، المرفوع بالعزيمة، المنصوب بالتضحيات، والمجزوم بالإرادة القاهرة. أما العملاء والمنافقون، فليسوا إلا حرف جر تجر الأمة إلى الذل، وحروف علة تضعف الصمود، وأشباه جمل لامحل لها من الإعراب في سجل التاريخ. نحن همزة وصل مع كل سند صادق, من عاصمة العقول والأدمغة والسجاد والفستق والزعفران الصامدة التي مرمغت أنف المغتصب المحتل في التراب، إلى باكستان الأصيلة التي ثبتت أقدامها في ميدان الشرف والعزة، إلى كل حر لا يبع في بازارات النيوليبيرالية أو حانات البراغماتية. وفي المقابل: نحن همزة فصل عن كل منافق متخاذل تاجر، أو إعلامي شيطن، أو رجل دين زور. أو سياسي خان. فلا مكان للساكن في حروف الكرامة، ولاموضع للمبني على الذل في جملة الأحرار.

سنظل الفاعل المرفوع بالإرادة، لا المفعول به المنصوب بالخذلان. سنبقى الجملة الأسمية المبتدأة بالحرية، والخبر فيها: الإنتصار. سنظل الفعل المضارع الذي لايجزمه خائن، ولايوقفه ساكن، مادام في الأمة روح وفي القلوب نبض. تلك هي رسالتنا: أن نكون وصلا يوحد الأحرار، وفصلا يقطع الخونة حتى تتحرر الكلمة، ويتحرر الإنسان، ويعود الإعراب العربي إلى معناه الأصيل: رفع المجد، نصب الحرية، جر الأمل، وجزم الخيانة.

مفكر حر، محلل سياسي، وإعلامي سابق في الغربة