تصدرت قبل أسابيع عناوين الأخبار قصة شركة صينية تُدعى Kaiwa Technology نجحت في تطوير "روبوت حمل بشري" مزوّد برحم اصطناعي قادر على إتمام فترة الحمل الكاملة لمدة عشرة أشهر وصولا إلى الولادة.
القصة تضمنت صورا مثيرة لروبوت يشبه الإنسان مع رحم مدمج، وزُعم أن المخترع "تشانغ تشيفينغ" سيطرح نموذجا أوليا خلال عام بسعر لا يتجاوز 100,000 يوان (حوالي 13,900 دولار).
انتشرت هذه الأخبار بسرعة عبر وسائل الإعلام العالمية مثل Daily Mail وNewsweek، لكن سرعان ما تبيّن أن القصة خدعة إعلامية مبنية على صور مُولَّدة بالذكاء الاصطناعي ومخترع غير موجود أساسا.
التدقيق يفضح الخدعة
منصة Snopes المتخصصة في التحقق من الأخبار، أكدت أن معظم الصور المنتشرة مزيفة، والمخترع المزعوم لا وجود له في أي قاعدة بيانات أكاديمية.
موقع Live Science تواصل مع جامعة نانيانغ التكنولوجية (NTU) في سنغافورة، التي نفت بشكل قاطع وجود أي باحث بهذا الاسم أو إجراء أي بحث حول "روبوت الحمل".
الخلاصة: القصة افتقدت إلى أبسط شروط التحقق العلمي، مما يجعلها خدعة متكاملة وليست مجرد خطأ صحفي.
التحديات العلمية أمام الأرحام الاصطناعية
حتى لو تجاوزنا الضجة الإعلامية، فإن بناء رحم اصطناعي قادر على حمل جنين كامل يواجه تحديات بيولوجية هائلة:
1. وظيفة المشيمة
المشيمة ليست مجرد عضو ناقل للغذاء والأكسجين، بل تتحكم في التوازن المناعي وتزيل الفضلات وتتكيف مع نمو الجنين، تقليد هذه الوظائف عبر آلة يُعد من أعقد التحديات.
2. المناعة وحماية الجنين
الأم تنقل الأجسام المضادة لجنينها لتزويده بالمناعة بعد الولادة، أي نظام اصطناعي سيحتاج إلى آلية مماثلة، وإلا سيولد الطفل معرضا لأمراض خطيرة.
3. عملية الولادة
الانتقال من بيئة سائلة (الرحم) إلى التنفس الهوائي يُعد عملية معقدة للغاية، حيث تتغير الدورة الدموية وتبدأ الرئتان بالعمل فورا، تقليد هذه المرحلة بشكل آمن عبر آلة ما زال بعيدا جدا عن التطبيق.
أين وصل العلم فعلا؟
الأبحاث الحالية لا تهدف إلى "استبدال الحمل الطبيعي"، بل تسعى إلى دعم الأطفال الخُدّج الذين يولدون مبكرا جدا.
مستشفى الأطفال في فيلادلفيا طوّر أنظمة دعم خارج الرحم لإنقاذ الحمل المبكر.
أوروبا طوّرت "حاضنات سائلة للجنين" تدعم الأجنة لأسابيع محدودة.
هذه الأبحاث مفيدة لإنقاذ حياة الخُدّج، لكنها بعيدة كل البعد عن فكرة "روبوت حمل كامل" كما صُوّر في الأخبار المزيفة.
البعد الأخلاقي والعلمي
الدكتور هارفي كليمان من جامعة ييل، صرّح بوضوح: "هل ينبغي أن نفعل ذلك؟ جوابي سيكون قطعا: لا."
ويؤكد أن المسار الأخلاقي الصحيح هو التركيز على تحسين رعاية الخُدّج، وليس السعي وراء أوهام علمية مثيرة للجدل.
الصور المثيرة قد تجذب الانتباه، لكنها لا تعني الحقيقة.
بينما تبقى فكرة "روبوت الحمل" مجرد خيال إعلامي، فإن التقدم العلمي الحقيقي يتركز على إنقاذ حياة الأطفال المولودين مبكرا عبر أبحاث دقيقة ومثبتة.