٣٠/٩/٢٠٢٥
كتب الدكتور ميخائيل عوض
1
لكل شيء أجل
تلزيم غزة والقضية الفلسطينية لإردوغان ولقطر بلغ نهاياته الحكمية والمنطقية.
فإردوغان في حاضنة الأطلسي، وعنصر نشط في تنفيذ مخططات تدمير وإجهاض أي مشروع عربي وإسلامي تحرري.
هو أعلن تطوعه ليكون وكيل الشرق الأوسط الأمريكي الإسرائيلي، واتهمه معلمه أرباكان مؤسس الحالة الإسلامية في تركيا بأنه وصحبه صنيعة الـCIA ومنتدبون لتدمير الحالة والإسلام، وقد برَّ إردوغان ونفذ وظيفته بالتمام والكمال.
أما قطر فهي أصلاً مُصنَّعة ومُنتدبة لوظيفة احتواء الحالة الإسلامية، وتبديدها وتوظيفها في خدمة مشاريع تدمير المنطقة وتبديد دولها وجيوشها وفرصها، ونفذَّت فروضها.
2
بلغ الأجل، وبواطن الأمور ستظهر للعلن هكذا هي مسارات وأحكام أزمنة التاريخ وقواعدها.
بمقابل اتصال ثلاثي من نتنياهو وترمب مع أمير قطر سلَّم الأخير غزة وفلسطين وحماس لنتنياهو، وزاد ارتماءً في أحضانه وأحضان ترمب!
فعلها إردوغان بمقابل جلوسه على طاولة إلى جانب ترمب في لقائه مع ممثلي الدول العربية والإسلامية، وتفويضه بإدرة الحرب على ما تبقى من دول ونُظم تقاوم وتعاند، ومنح فرصة اجتياح شرق الفرات لتصفية قسد التي أصلا كانت ارتمت في الحضن الأمريكي وربما أجلها أَزِف.
3
عراضة عرس ترمب نتياهو وقطر إردوغان معطوبة ينقصها حضور العريس، والهوبرة لاستدراجه الى القبر ليس إلا.
بانتظار ما ستعلنه حماس وكيف ستتعامل مع خطة تصفيتها واجهاض ما أبدعته، والتفريط بتضحياتها الهائلة وتضحيات غزة والشعب الفلسطيني الأسطورية وغير المسبوقة، يبدو الاحتفال حملة إعلانية رخيصة ومكشوفة سيئة الإخراج غير مقنعة لأحد، هدفها فك عزلة نتنياهو واجهاض التفاعل التضامني الدولي مع الشعب الفلسطيني.
وبكل الأحوال من الظلم الترويج للحملة واتهام حماس فقد أُخِذَت على حين غرة وجرى بيعها بالرخيص دون استشارتها أو موافقتها.
4
لابد من تفهم قرار حماس ومناقشته عند الإعلان، وقد تكون احتاطت للأمر واستعدت وأَمنَّت البدائل المضمونة والأمينة عليها وعلى غزة وفلسطين، ومن غير المستبعد أن تدير العلاقة بتقانة وحكمة، فقد فعلتها سابقاً ولا شيء يمنعها. وما قدمته بمسيرتها وفي الطوفان العجائبية وفي حرب السنتين يسلحها بالقدرات والحنكة والحكمة فلا تستعجلوا نعيها.
إلا أنها وأياً كان موقفها فقد أصبحت مكشوفة من زاوية قطر إردوغان وحركة الإخوان المسلمين، وثبت بالملموس أنهم تاجروا بها وبالقضية الفلسطينية وبلغت تجارتهم آخر فصولها.
5
سينبري المهولون والمستسلمون والمفرطون للتنظير وإطلاق التوصيفات والاستنتاجات، وسيخلقون بيئة وفقاعات تنعي غزة وفلسطين وقضيتها وتضحياتها ونضالاتها، ويروجون للاستسلام وتصفية القضية وتلزيم نتنياهو العرب والمسلمين وتحقيق غاياته وإعلاناته بإسرائيل الكبرى وشرقه الأوسط.
مهلاً أيها المهولون والمهوبرون!
القضية الفلسطينية قضية حق قومي انتهت فرص التفريط به عبر الخيانات والتسويات والهدن، وإسرائيل دولة مصنعة مغتصبة وقد توحشت وسقطت سرديتها وتعيش أزماتها وتعد أيامها العادية. دَرجَاً على منطق التاريخ ومساراته فلكل أمر أجل وقد أزف أجلها، والطوفان العجائبية ومن غزة الأسطورية أطلقت صفارة السباق لنهايتها ليست وحدها بل الدول والكيانات والأنظمة التي صُنعَّت لخدمتها ولتتخادم معها لتأمين مصالح النظام الانجلو سكسوني الشائخ والمترنح، فهو أيضاً في طور الذبول والانحسار المتسارع.
هكذا هي مسارات الأزمنة وحاجاتها فعجز وأزمات النظام الانجلوسكسوني وعلى رأسه أمريكا وبقيادة ترمب تجعله غير قادر على تغيير المسارات وحرفها، ولن يلغي استحقاقات الأزمنة الحكمية فكيف بالمأزوم والعاجز والمنحسر عن قمة العالم ونظامه الأحادي؟ ومن أين له أن يغير مسارات الأزمنة وينقذ صنيعته الفاقدة للوظيفة والمتحولة عبء ثقيل ومكلف بعد أن توحشت وباتت زائدة دودية ملتهبة؟
6
أما حقائق الأزمنة ومسارات التاريخ منذ الخلق وحقيقة فلسطين وقضيتها العادلة فقد جزمت وتجزم أنه عندما تستوجب مهمة استعادة الحق القومي كاملاً فليس من قوة على وجه الأرض تمنعه، وإن نجحت في الإعاقة لحين واستخدمت ما عندها من آلة بطش وتدمير وإبادة.
ما هو جار سبق أن جربته فلسطين واستمرت في المقاومة والكفاح، ودوماً ساندتها الأمة والشعوب الحرة فتولى المهمة رجال وقوى منذ وعد بلفور، وكان مسرح الانتفاضات والمقاومة فلسطين ثم تحولت إلى النظم التقدمية وبعدها إلى فصائل حركة التحرر ومنظمة التحرير من الخارج، وبعد عجزها وخروجها على أثر احتلال بيروت ١٩٨٢ تولدَّت مقاومات من طابع مختلف وتولَّت غزة والضفة بالانتفاضات والمقاومة المهمة، وأبلت كثيراً وإن أُجهضِت غزة وتنحَّت حماس فسيخلق الشعب الفلسطيني والأمة بدائل كثير من نويَّاتها، وفصائلها في الميدان يحجب دورها لمعطيات وظروف موضوعية ولسياسات حكيمة.
7
بافتراض أن حماس قبلت وأُلقيَت غزة بالبحر وتحولت إلى "ريفييرا ترمب" فقد سمى نفسه رئيس اللجنة الدولية لإدارتها، ماذا عن الضفة وفلسطين الـ٤٨ والشتات؟ وماذا عن الشام المحتلة؟ وماذا عن لبنان الذي سيستهدف ببطش غير مسبوق؟ وماذا عن اليمن والعراق وإيران؟
فعزل غزة وانتزاعها من المقاومة خطوة تأسيسية لاستكمال الحرب ومشروع الشرق الأوسط الإسرائيلي الأمريكي بشراكة وكلاء أُجرَّاء يتقدمهم إردوغان وقطر.
8
مهلاً لا تستعجلوا التعامل مع الهمروجه الإعلامية على أنها اصبحت واقعاً، فللزمن ومسارته وللشعب المقاوم أبداً وللأمة كلام مختلف، في زمن تسارع ولادة العالم الجديد بديلاً للعتيق البالي ومسارح الحرب والمتغيرات النوعية جارية ومستمرة وقد تنفجر ساحات وحروب جديدة.
لا تنسوا أن القضية الفلسطينية محورية والإقليم برمته في زمن الفوضى وإعادة الهيكلة، والإقليم حاكم في أي عالم سيولد.
زمن تصفية القضية الفلسطينية بالتآمر والخيانات ولَّى والزمن الجاري زمن التحرير سيفرض مساراته وحقائقه ويولد آلياته وأدواته وقواه.
للاشتراك بقناة الأجمل آت على الرابط
https://youtube.com/channel/UCobZkbbxpvRjeIGXATr2biQ?si=xOcdD8vxfcu8j8gP