مشروع ترامب في غزة: خطة بلا شرعية قانونية ولا سياسية
مقالات
مشروع ترامب في غزة: خطة بلا شرعية قانونية ولا سياسية
عدنان علامه
2 تشرين الأول 2025 , 05:31 ص


عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

لم يكن ما طرحه الرئيس ترامب حول "السلام في غزة" سوى مشروع مفروض من طرف واحد، يفتقد كليًا لأي أساس في القانون الدولي.

فالمبادئ الجوهرية التي قامت عليها الأمم المتحدة منذ عام 1945— من حق تقرير المصير، إلى عدم شرعية الإحتلال، وحماية المدنيين —تم تجاهلها بشكل كامل. بل إن الخطة صيغت لتخدم مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة، متجاوزة الطرف الفلسطيني، الذي يعدّ صاحب الأرض والحق.

وأخطر ما في المشروع أنه وُضع في سياق استغلال واضح لضعف حكومة نتنياهو، وتصدّع جيشه بفعل الحروب المتواصلة في غزة والجنوب اللبناني، فضلًا عن الاحتجاجات الداخلية ضده.

فترامب، الذي لطالما تعامل مع الملفات الدولية بعقلية الصفقات التجارية، وجد في الأزمة الإسرائيلية فرصة ذهبية لفرض أجندته على نتنياهو، مستغلًا "سيلان لعابه" الاقتصادي تجاه ثروات المنطقة، ومقدّمًا نفسه كمنقذٍ لإسرائيل في لحظة عجزها البنيوي وعدم قد ةيشها على َ مواصلة القتال.

لكن المخالفة الأكبر تمثلت في إقصاء الفلسطينيين كليًا. فالحركة التي تمسك فعليًا بالأرض في غزة لم تُستشر ولم يُعرض عليها أي دور، ما يجعل الخطة عمليًا إملاءً احتلاليًا جديدًا وليس مسارًا تفاوضيًا. وهذا يضرب في الصميم كل المرجعيات الأممية، من اتفاقيات جنيف إلى قرارات مجلس الأمن التي تؤكد على شمولية أي حل سياسي ووجوب مشاركة الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني الذي هو صاحب الأرض بموجب القوانين الدولية؛ وإسرائيل هي قوات إحتلال في الضفة الغربية وغزة.

والأخطر في مشروع ترامب هو تغييب مصير المسجد الأقصى الذي َمن المفترض أن تحميه القرارات الأممية.

وأما إستدعاء توني بلير لإدارة ما يشبه "الاحتلال الجديد" في غزة، فتكريس لفكرة الوصاية الاستعمارية. فبلير الذي ارتبط اسمه بتدمير العراق وتحويله إلى ساحة فوضى دائمة، يظهر اليوم كأداة لإعادة إنتاج الاحتلال بأقنعة مدنية، متماهيًا مع المشروع الأمريكي-الإسرائيلي في تقويض أي سيادة فلسطينية مستقلة.

وبهذا، يصبح "مشروع ترامب" مخالفة للقرارات الأممية والمعاهدات الدولية متكاملة الأركان:

1- تجاهل حق تقرير المصير المكفول في القانون الدولي.

2- شرعنة احتلال قائم يتعارض مع المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة.

3- فرض وصاية خارجية غير شرعية بديلاً عن الإدارة الذاتية الفلسطينية.

4- إستغلال أزمة داخلية إسرائيلية لحسم قضايا مصيرية تخص شعبًا تحت الاحتلال.

وبناءً عليه فإن مشروع ترامب ليس سوى نسخة محدثة من الاستعمار، تُدار بلغة السوق والمصالح الضيقة، وتُفرض بالقوة والابتزاز على حساب الدم الفلسطيني. وما استدعاء بلير إلا دليل على أن واشنطن وتل أبيب تبحثان عن "مندوب سامٍ" جديد لشرعنة الاحتلال وإدامته. هذه الخطة ليست سلامًا، بل مؤامرة رخيصة تُدار بأيدٍ قذرة، وهي ساقطة أخلاقيًا وقانونيًا، وستبقى شاهدًا على عجز ترامب وبلير ونتنياهو عن فرض استسلام شعب لم ينكسر رغم كل أشكال الإبادة والحصار طيلة 77 عامًا منذ النكبة، و 58 عامًا منذ النكسة؛ مع تغييب تام للمسجد الأقصى، قبلة المسلمين الأولى .

وإن غدًا لناظره قريب

02 تشرين الأول/أكتوبر 2025