عبد الحميد كناكري خوجة: محمد”ص
مقالات
عبد الحميد كناكري خوجة: محمد”ص" رسول ونبي الوسطية وعدو التطرف والطغيان


( سبحان من أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير) الإسراء:1

بهذه الآية الجليلة يفتتح القرآن ذكر الإسراء والمعراج، رحلة النور واليقين التي جمعت الأرض والسماء، وربطت بين مكة المكرمة والقدس المبارك الشريف حيث صلى النبي محمد (ص) بإخوانه من الأنبياء والرسل، إيذانا بوحدة الرسالات وكرامة المسجد الأقصى الذي يدنس بأقدام النازيين الفاشيين الجدد اليوم. في ذكره ومولده الشريف، تتجدد في القلوب أشواق الرحمة، وتضاء العقول بنور الوسطية التي حملها سيد الخلق (ص). قال تعالى ( وماأرسلناك إلا رحمة العالمين). وقال أيضا: ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) بهذين النصين الإلهين تبين جوهر رسالته: الرحمة والإعتدال ونبذ التعصب والتطرف والطغيان. ولد سيد الخلق يتيما لكنه كان عظيم الهمة، فصبر على الأذى وواجه المكائد بثبات القادة وكاريزما الهداة، وبنى حضارة تقوم على العلم والعدالة والإحسان. دعا إلى حب الوطن والدفاع عنه وإلى بر الوالدين وكرم المرأة وربط الإيمان بالنظافة والطهارة، وحث على العمل وعدم إضاعة الوقت، وأرسى أسس التعايش والتسامح مع سائر الأديان السماوية، مؤكدا أن كرامة الإنسان محفوظة أيا كان معتقده. كما كان يكره الغلو ويمقت التعصب، ويدعو إلى سعة الصدر ولين الجانب، ويقيم العدالة بالرفق، ويهدم جدران الكراهية ليشيد جسور المحبة. كان حليما مع خصومه، رؤوفا بالمستضعفين، مكرما للجار، كريما في الضيافة، وفيا بالعهد، محبا للنظافة ظاهرا وباطنا، جامعا بين روحانية السماء و سياسة الأرض. ولعل جمهورية إيران الإسلامية قدمت أنموزجا معاصرا في الإقتداء بهديه الشريف، فكانت سباقة في تكريم القرآن الكريم وأهله من مختلف أصقاع الأرض، وفي الدفاع عن قدسية القرآن العظيم، وإحياء ذكرى النبي وآل بيته الطاهرين واستلهام سيرته في رفض الطغيان ونصرة المستضعفين المكلومين المظلومين وهذا مانراه في سياستها الرشيدة.

إن الإحتفال بمولده الشريف ليس مجرد طقس تاريخي، بل هو تجديد للعهد مع قيم الوسطية والاعتدال، وتذكير بأن التطرف والتعصب آفتان تورثان الخراب.

سلام على النبي الهادي، الذي جمع بين الرحمة والحزم وبين الحكمة والسياسة، فكان للعالمين نورا وقدوة، وللحق نصيرا، وللوسطية إماما يهدم أصنام التطرف ويشيد صروح الإنسانية، ويذكرنا دوما أن حرمة المسجد الاقصى أمانة في أعناق المسلمين المؤمنين، فالدفاع عنه واجب على كل ناطقي الشهادتين في العالم.

كما أن الإحتفاء بمولده أيضا، ليس إستذكارا لذكرى ماضيه فحسب، بل هو تجديد للعهد مع رسالته الخالدة التي ربطت بين الإيمان والكرامة، وبين العبادة والكرامة والقيم. وبين الثرى والثريا. وأن أسمى صور الوفاء لرسالته أن نصون إرثه في مسراه المبارك، وأن نجعل الدفاع عن المسجد الأقصى واجبا حضاريا وأخلاقيا ودينيا، نؤديه بوعي ووحدة وإرادة، وفاء لرسالة النبي الذي أسرى إليه من بكة ليذكر العالم بأن حرمة المقدسات هي معيار إنسانيتنا.

مفكر حر، محلل سياسي وإعلامي سابق في الغربة