عثر فريق من علماء الآثار على نقش بارز للإله المصري "توتو" خلال أعمال التنقيب في موقع مدينة ساغالاسوس القديمة (Sagalassos) الواقعة بالقرب من مدينة أغلاسون الحديثة في جنوب غرب تركيا.
تم الاكتشاف داخل مجمع الحمامات الرومانية القديمة، حيث عُثر على لوحة فنية مصنوعة من رخام أفْيُون التركي، تحمل نقشا دقيقا يمثل الإله المصري على هيئة سفينكس مزخرف بتقنية التطعيم.
هذا النقش الفريد يمثل أول دليل أثري على وجود الأيقونية المصرية خارج حدود وادي النيل، ويكشف عن علاقات ثقافية غير معروفة سابقا بين مصر القديمة والأناضول.
تفاصيل الاكتشاف وأهميته التاريخية
وفقا لتقرير نشرته منصة Наука Mail الروسية، أوضح الخبراء أن اللوحة المنقوشة لا يُعتقد أنها كانت جزءا من معبد مكرّس للإله توتو، بل تُعد عنصرا زخرفيا ذا طابع رمزي، يعكس مفاهيم الحماية، والسلطة الملكية، والقوة الإلهية.
يقول البروفيسور بيتر تالوين من جامعة بيلكنت التركية إن هذا الاكتشاف "يمثل مثالًا استثنائيًا لفن الأيقونات المصرية الذي لم يُشاهد من قبل خارج مصر"، مشيرًا إلى أنه يلقي الضوء على الزخارف الدينية المستوحاة من مصر القديمة والتي ربما كانت تُستخدم في أماكن العبادة عبر مناطق مختلفة من الإمبراطورية الرومانية.
الرموز المصرية في النقش: القوة والحماية والملكية
يظهر في مركز اللوحة الإله توتو على هيئة سفينكس حارس، بينما يقف إلى جانبه الإله حورس على شكل صقر، رمز الملكية الإلهية، والإله سوبك على هيئة تمساح، الذي يجسد قوة نهر النيل وحيويته.
تشير هذه الرموز إلى ثلاثية مفاهيمية تجمع بين السلطة، والحماية، والحياة — وهي قيم أساسية في المعتقدات المصرية القديمة.
كما أن التصميم المعماري للنقش، بما في ذلك الإطار المزخرف بأشكال تيجان مصر العليا والسفلى، يدل على معرفة عميقة للرمزية الفرعونية لدى الفنان الذي نفّذ العمل.
صُنع بأيدٍ أناضولية من رخام محلي
يرى الباحثون أن اللوحة نُحتت على أيدي حرفيين أناضوليين مهرة، والدليل على ذلك استخدامهم رخام أفْيُون المحلي المستخرج من منطقة أفيون قره حصار في تركيا.
هذا يعني أن التأثير المصري لم يقتصر على الأفكار الدينية فحسب، بل امتد إلى الأساليب الفنية والزخرفية، مما يدل على تفاعل ثقافي واسع بين مصر والأناضول خلال الحقبة الرومانية.
ساغالاسوسمدينة الحضارات والتبادل الثقافي
يُعد هذا الاكتشاف دليلا جديدا على أن مدينة ساغالاسوس الرومانية كانت مركزا حضاريا مزدهرا، لا يقتصر نشاطها على التجارة وإنتاج النبيذ والفخار والزراعة فحسب، بل كانت أيضًا جسرًا ثقافيًا نقل الأفكار والفنون من مصر إلى الأناضول.
يُبرز هذا النقش النادر أن الفن والرموز المصرية كانت تُحترم وتُستلهم خارج حدود مصر، وأن تأثير حضارتها العريقة امتد إلى مناطق بعيدة، متغلغلا في العمارة والفن المحليين.