حل لغز بومبي.. الكشف عن حقائق صادمة عن الأم والطفل
منوعات
حل لغز بومبي.. الكشف عن حقائق صادمة عن الأم والطفل
24 تشرين الثاني 2024 , 14:42 م

في مدينة بومبي الرومانية القديمة، عُثر على قوالب جصية محفوظة لجثث سكان قضوا في ثوران جبل فيزوف عام 79 ميلادي، أبرز هذه القوالب هو قالب يُعرف باسم "الأم والطفل"، الذي طالما افترض أنه يمثل أمًا وطفلها. لكن دراسة وراثية حديثة قلبت هذا التفسير رأسًا على عقب.

تحليل الحمض النووي يكشف حقائق جديدة

أجرى فريق من العلماء من كلية الطب بجامعة هارفارد، وجامعة فلورنسا، ومعهد ماكس بلانك لعلم الإنسان التطوري تحليلا للحمض النووي من بقايا خمسة أفراد ماتوا في ثوران البركان. تمت دراسة هذه العينات كجزء من ترميم 86 قالبا تضررت في عام 2015 بالتعاون مع منتزه بومبي الأثري.

نتائج مفاجئة حول الهوية والعلاقات

نُشرت النتائج مؤخرًا في مجلة Current Biology، وكشفت عن أخطاء في التصورات التقليدية المتعلقة بجنس وعلاقات هؤلاء الأفراد، والتي استندت إلى مظهر القوالب والأدلة الأثرية.

أبرز الاكتشافات:

الفرد الذي اعتُقد أنه امرأة ترتدي سوارا ذهبيا وتحمل طفلا على حجرها تبيّن أنه ذكر بالغ والطفل ليس مرتبطا به بيولوجيا.

ثلاثة من أربعة أفراد في موقع آخر، افترض أنهم أفراد عائلة واحدة، لم يكن لديهم صلات جينية واضحة حتى الدرجة الثالثة.

شخصان كانا يُعتقد أنهما يحتضنان بعضهما البعض — وقد فسرت العلاقة سابقا كأختين، أم وابنتها، أو عشاق — تبين أن أحدهما على الأقل ذكر، ما ينفي اثنتين من الفرضيات السابقة.

قالت الباحثة المشاركة في الدراسة، أليسا ميتنيك، إن "هذه النتائج تؤكد أهمية دمج التحليل الجيني مع المعلومات الأثرية والتاريخية لإثراء أو تصحيح السرديات التي تم بناؤها بناءً على أدلة محدودة".

التحديات في الحفظ والتفسير

أشارت الدراسة إلى أن التفسيرات السابقة تأثرت بتحيزات الباحثين وسردياتهم الشخصية. كما أن القوالب الجصية خضعت لـ"ترميم إبداعي" في الماضي، مما أدى إلى وضع بعض الجثث في أوضاع قد لا تكون أصلية.

يُحذر الباحثون من تكرار أخطاء الماضي بتكوين سرديات جديدة بناءً على النتائج الجينية الحديثة. قال ديفيد رايش، أستاذ علم الوراثة في جامعة هارفارد، إن "النتائج تدعو للتأمل في مخاطر تفسير العلاقات الأسرية والجندرية بناءً على توقعاتنا الحالية، سواء في بومبي أو في أي موقع تاريخي أو ما قبل تاريخي آخر"

تأكيدات وتحليل شامل

على الرغم من هذه الاكتشافات، أكدت الدراسة أن سكان بومبي القدماء كانوا ينحدرون في الغالب من مهاجرين من شرق البحر الأبيض المتوسط، مما يُظهر الطابع العالمي للإمبراطورية الرومانية في تلك الفترة.

أشار غابرييل زوكتريغيل، مدير منتزه بومبي الأثري، إلى أن تحليل الحمض النووي للأشخاص والحيوانات أصبح جزءا من بروتوكولات الدراسة في الموقع. يهدف ذلك إلى تكوين صورة شاملة ومحدثة للاكتشافات الأثرية في بومبي وتطوير منهجيات جديدة لفهم الماضي.

يُعد هذا البحث خطوة كبيرة نحو فهم أكثر دقة للعلاقات والهوية في العصور القديمة، حيث تكشف التكنولوجيا الحديثة عن قصص جديدة تُعيد تشكيل نظرتنا إلى التاريخ.