كشفت دراسة علمية دولية حديثة عن العلاقة الدقيقة بين الجينات البشرية وعملية الأيض (التمثيل الغذائي)، موضحة كيف تؤثر التركيبة الوراثية على مستويات الجزيئات الحيوية في الدم وعلى مخاطر الإصابة بأمراض القلب.
وقد أُجريت هذه الدراسة الواسعة ضمن مشروع “UK Biobank”، وشملت تحليل بيانات نصف مليون مشارك، لتصبح أكبر دراسة في العالم تتناول الجوانب الجينية للعمليات الأيضية.
نُشرت نتائج البحث في مجلة Nature Genetics العلمية المرموقة.
تفاصيل الدراسة
أجرى العلماء تحليلا متعمقا للتغيرات الجينية وتأثيرها على 250 نوعا من الجزيئات الصغيرة في الدم، بما في ذلك الدهون (الليبيدات) والأحماض الأمينية.
وأظهرت النتائج أن التحكم الجيني في الأيض متشابه لدى البشر بغض النظر عن الجنس أو الخلفية العرقية، مما يجعل استنتاجات الدراسة ذات قيمة علمية عالمية.
الجينات المرتبطة بالأمراض
ركّز الباحثون على الجينات المؤثرة في خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، واكتشفوا دورا جديدا لجين VEGFA، الذي يُعتقد أنه ينظم كثافة البروتينات الدهنية عالية الكثافة (الكوليسترول الجيد) في الجسم.
وقد تمثل هذه النتائج نقطة انطلاق لتطوير أدوية مبتكرة تستهدف الوقاية والعلاج من أمراض القلب والأوعية الدموية.
أهمية الاكتشاف العلمي
أظهرت الدراسة أنّ العوامل الوراثية تلعب دورا رئيسيا في تحديد الفروق الفردية في الأيض، إلا أنها لا تُلغِي تأثير نمط الحياة، مثل النظام الغذائي، ومستوى النشاط البدني، والعادات الصحية.
وقال البروفيسور مايك بيتزنر، أحد المشرفين على البحث:
"تُفتح أمامنا الآن آفاق جديدة لتطوير أدوية تقلل من معدلات الوفيات الناتجة عن أمراض القلب والأوعية الدموية."
كما أشار الباحث المشارك مارتين زودسما إلى أن الفريق العلمي توصّل إلى خريطة دقيقة للتحكم الجيني في مئات الجزيئات الحيوية في الدم، واصفًا إياها بأنها أداة قيّمة لفهم أسباب الأمراض وتحديد أهداف علاجية جديدة.
تُبرز نتائج هذا العمل العلمي العملاق أنّ الجينات تلعب دورا محوريا في عملية الأيض، لكن التوازن بين العوامل الوراثية ونمط الحياة يبقى أساسا للحفاظ على صحة الجسم والوقاية من الأمراض.
ويأمل الباحثون أن تسهم هذه الاكتشافات في تطوير علاجات مستقبلية دقيقة تعتمد على الجينات لكل فرد على حدة.