كتب الأستاذ حليم خاتون:
عامان بالتمام والكمال مرا منذ انطلقت عملية طوفان الأقصى العظيمة رغم أنوف كل المشككين...
آمن يحي السنوار ورفاقه بالقوة الجبارة الكامنة في هذه الأمة؛ أرادوا إخراج هذه القوة من عقالها...
هم نجحوا في كسر القيود، ولم يبق على الأمة سوى إطلاق الزئير قبل الانقضاض على كل أعداء المنطقة من طنجة إلى جاكرتا...
في ٧٢ ساعة، استطاعت غزة أن تُغيّر وجه العالم؛ ٧٢ ساعة بعد العبور العظيم في السابع من أكتوبر ٢٣...
وضع هذا اليوم الله وعبيده أمام أسئلة وجودية لا يمكن الهروب من الإجابة عليها...!
توافق معظم المحللين على أن ترامب ونتنياهو ومعهما النظام الرسمي في العالمين العربي والإسلامي، جميعهم دون استثناء، بالمفرق والجملة، قد حشروا حركة حماس في الزاوية وجعلوا الخيار الوحيد أمامها، هو القبول بخطة حملت إسم ترامب...
لكن الذي كتب هذه الخطة بالتشاور مع الصهيوني البريطاني طوني بلير وفق الصحفي الأميركي ديفيد هيرست، هو اليهودي الصهيوني الأميركي الإسرائيلي، صهر ترامب جاريد كوشنير، ومستشار نتنياهو الذي نجح قبلا بالضحك على بوتين وإردوغان في ما سُمي لاحقا بصفقة سوريا مقابل أوكرانيا وحزب العمال الكردستاني...
جرى كل هذا، قبل ان يدخل يوم الجمعة في طيز اردوغان الذي بات يخشى من مواجهة إسرائيل وهو يعرف إنه أضعف من إيران بأشواط في أية مواجهة مع الاسرائيليين؛ وقبل أن يدخل يوم الأحد في طيز بوتين الذي تخلى عن سوريا دون أن يحصل على أوكرانيا.. بينما لا يزال ديرمر يحاول منع السبت من الدخول في طيز اليهودي... لكن عبثا!...
قد تبدو الصورة سوداء؛ لكنها بالتأكيد ليست أكثر سوادا من وجوه الزعامات العربية والإسلامية التي جلست كما الكلاب والجراء حول السيد الاميركي الأبيض في البيت الأسود؛ جلست تهز بذيلها طلبا للرحمة من سوط ترامب...
كل ذلك بينما نواف سلام ينتشي لأنه ينجح في تنفيذ المهمة الموكلة إليه من قبل يزيد الثاني بن فرحان دون أن يشعر معظم السُنّة والدروز والمسيحيين بأنه على وشك وضعهم جميعا على خازوق نهاية الكيان اللبناني، تماما كما حصل في سوريا...
في سوريا تكفل عملاء الغرب من التكفيريين في إعدام الدولة السورية تحت يافطة معاوية والأمويين الجدد، بينما يتكفل نواف سلام وسمير جعجع وبعض كلاب اليمين بمساعدة بعض جراء اليسار في إعدام الكيان اللبناني...
هل هي نهاية الحلم الفلسطيني؟
هل نعيش اليوم نهاية الحلم العربي؟
هل صارت إسرائيل الكبرى حتمية تاريخية وفقا لنظرية جابوتينسكي، الأب الروحي لنتنياهو؟...
قبل لوم شعوب الخليج المتخمة بالترف واللهو والترفيه زاللواط والسحاق؛ ماذا عن شعوب الفقر في المغرب ومصر طالما أن السودان مدمر والصومال منهك وبقية دول الموز العربية "على قفا مين يشيل"...
في الواقع، نحن دخلنا بفضل السابع من أكتوبر ٢٣ في حرب المئة عام على الأقل... تماما كما حصل مع الصليبيين...
كما اقتلعنا الصليبيين من سطح هذه الأرض؛ سوف يواجه اليهود الصهاينة نفس المصير!...
نعود إلى حماس التي غلّفت كلمة نعم لخطة ترامب بتحدي الزمان والمكان والشيطان الكامن في التفاصيل...
كل المحاورين يؤكدون أن الخطة هي استسلام غير مشروط لحماس...
إذا، على ماذا تراهن حماس؟
خطة ترامب مبهمة مع خيوط متداخلة لا يمكن تحقيقها...
إنها الخطة المستحيلة التي تؤدي مباشرة إلى استئناف حرب الإبادة...
على ماذا راهنت حماس؟
على ماذا تراهن حماس؟
الكل ينتظر رد فعل نرجسية دونالد ترامب بعد العاشر من أكتوبر!
هل تعلن القيم الغربية ترامب رجل السلام العالمي مع جائزة نوبل؟
ماذا سوف يحصل في الحالتين؟
الأكيد أن هذا سوف يزيد التفسخات في الجسم الغربي ما سوف يؤدي إلى زعزعة موقع إسرائيل داخل هذا النفاق على جانبي الأطلسي...
هل راهنت حماس على انفجار الأوضاع قبل العشرين من أكتوبر مع نهاية عشر سنوات على اتفاق نووي لا تزال إيران تحترمه تحت يافطات الصبر الاستراتيجي...
بالطبع لا يعوّل أي كان على حرب استباقية تقوم بها طهران؛ الأرجح أن يقوم تحالف عسكري أميركي إسرائيلي بالهجوم تكون اميركا داخله منذ اليوم الأول لهذه الحرب القادمة...
هل يبتلع الحشد الشعبي لسانه كما فعل قبلا وكما لايزال يفعل، أم يرد على الضربات بضربات؟
هل يبقى حزب الله في موقع العجز الذي وضع نفسه فيه منذ زمن طويل؛ يوم سكت على خيانة بشار الأسد لمحور المقاومة ويوم لم يعاقب خالد مشعل وموسى ابو مرزوق وحتى اسماعيل هنية على تفاهاتهم أثناء حرب إسقاط الدولة في سوريا...؟
هل لا تزال حماس مقتنعة بحتمية انتصار الدم على السيف مع تلك الانتفاضة العظيمة في كل أنحاء العالم ضد الفاشية الأميركية والنازية الصهيونية؟...
كل ذلك يبقى احتمالات؛ لكن الأكيد أن شعب فلسطين بات يعرف إنه "ميت، ميت"... مهما فعل، هو الوليمة التي سوف تكون على الطاولة...
الحل الوحيد أمامه هو القتال بشرف حتى النصر، أو الموت بشرف!...
إذا كانت الضفة تصر على الاستسلام كما قطيع البقر والغنم، فإن أهل غزة قد أثبتوا خلال ثلاثة سنوات أن باستطاعتهم تحويل ال ٣٦٠ كلم٢ إلى جحيم تحت ارجل الاستعمار...
هذا ما فعلوه أمس، وهذا ما يفعلونه اليوم...
تقول غزة لأهل المقاومة في لبنان إن الخوف من الحصار العربي من جهة سوريا والحصار الغربي من جهة البحر ليس قدرا للهزيمة والخضوع...
غزة محاصرة منذ الأزل، وها هي تقاتل قتال الكربلائيين...
كما عندكم نواف سلام، عند الشعب الفلسطيني محمود عباس... وللمفارقة، الكلبان أتيا من صفوف فتح...
كما عندكم سمير جعجع، عند الشعب الفلسطيني محمد دحلان...
اللائحة تطول والعملاء في كل مكان...
رغم كل حقارة نواف سلام ومخزومي وريفي لم تصل عمالة هؤلاء إلى التنسيق الأمني مع الاستعمار كما فعلت سلطة أوسلو...
لذلك، لا يزال هناك أمل!
كل يوم يقوم نواف بخطوة عمالة، نقترب أكثر من انتفاضة سوف تطيح به كما حصل سنة ٨٣ مع اتفاق ١٧ أيار الذي كان نواف الكلب احد أهم من كتب صكوك الذل فيه...
حماس تعرف أكثر من غيرها أن ما قبل السابع من أكتوبر ٢٣ لن يعود وأن أمام الجميع حل من اثنين لا ثالث لهما:
السِلّة أو الذِلة...
الموت حق!
إذا كان لا بد من الموت،
من العار أن تموت جبانا...