ضمادات فطرية حية قد تُحدث ثورة في علاج الجروح
منوعات
ضمادات فطرية حية قد تُحدث ثورة في علاج الجروح
12 تشرين الأول 2025 , 13:51 م

تشتهر الفطريات بدورها في تحليل المواد العضوية وإعادتها إلى الأرض، لكن العلماء اليوم يفتحون فصلا جديدا في هذا العالم الخفي، إذ يسعون إلى تسخير الفطريات لمساعدة أجسامنا على التعافي من خلال مواد هلامية حيوية "حية" تعرف باسم الهيدروجيل الحيوي.

وفي دراسة رائدة من جامعة يوتاه (University of Utah)، اكتشف الباحثون نوعا من الفطريات قادرا على تكوين مادة هلامية متعددة الطبقات تشبه إلى حد كبير بنية الجلد والأنسجة العضلية البشرية.

الفطر المذهل Marquandomyces marquandii

الفطر الذي يحمل اسم ماركواندومايسيس ماركوانديي (Marquandomyces marquandii) هو عفن تربة شائع، وقد أُعيد تصنيفه عام 2020 بعد أن كان يُعرف سابقا باسم Paecilomyces marquandii.

ويبدو أن هذا الفطر يستعد ليضيف إنجازا جديدا إلى مسيرته، إذ يُحتمل أن يصبح مادة حيوية متكاملة تُستخدم لتصميم ضمادات ذكية تشارك في شفاء الجلد وتجديد الخلايا.

ما هو الهيدروجيل الحيوي ولماذا هو مهم؟

يُعد الهيدروجيل من المواد الواعدة في الطب الحيوي، لأنه يحاكي خصائص الجلد والأنسجة الرخوة بفضل بنيته الطبقية المرنة.

يقول المهندس أتول أغراوال من جامعة يوتاه: "الهيدروجيل يُعدّ بديلاً واعدا لتطبيقات تجديد الأنسجة، والهندسة الحيوية، وحوامل الخلايا، والمفاعلات الحيوية، والأجهزة القابلة للارتداء، لأنه يتمتع بخصائص تشبه إلى حد كبير مرونة الأنسجة الطبيعية."

فطريات تنمو كأنسجة بشرية

على الرغم من أن أغلبنا يعرف الفطريات من خلال عيش الغراب أو العفن الظاهر، إلا أن الجزء الأكبر من الفطر مكوّن من شبكة دقيقة من الخيوط تُعرف بالميسليوم (Mycelium)، وهي البنية التي تكمن تحت سطح التربة أو داخل الأخشاب.

هذه الشبكات المتشابكة هي ما جعلت العلماء ينظرون إلى الفطريات باعتبارها مادة بيولوجية محتملة لتقليد أنسجة الإنسان.

يقول عالم الفطريات برين دينتنجر من متحف التاريخ الطبيعي في يوتاه: "الميسليوم ينمو إلى ما لا نهاية طالما توفرت له التغذية الكافية، وهو يبني جدرانا متقاطعة تقسم الخيوط الطويلة إلى خلايا متعددة. هذه الخاصية المدهشة لم تُستغل بعد بالكامل في الطب الحيوي."

فطر يحتفظ بالماء ويكوّن طبقات متماسكة

جرّب الباحثون تنمية هذا الفطر في بيئة سائلة ثابتة لمدة أربعة أسابيع، فكانت النتيجة مذهلة، إذ كوّن هيدروجيل طبيعي قادرًا على الاحتفاظ بما يصل إلى 83٪ من الماء، وهي خاصية مثالية لتطبيقات الطب التجديدي.

ويشرح أغراوال قائلا: "ما نراه هو هيدروجيل متعدد الطبقات يمكن رؤيته بالعين المجردة، وكل طبقة تختلف في درجة المسامية. الطبقة العليا تمتلك مسامية بنسبة 40٪، بينما تتناوب الطبقات الأخرى بين 70٪ و90٪."

تعديل النمو لتحقيق أفضل النتائج

يرجّح العلماء أن اختلاف الطبقات يعود إلى تغيّر معدّل النمو واستراتيجيات الامتداد في بيئة الزراعة.

فعندما يصل الفطر إلى سطح الوسط الغذائي، تقلّ مساميته لأنه يبدأ بالنمو الأفقي، مما يتيح للباحثين التحكم في شكل النسيج الناتج عبر ضبط العوامل البيئية مثل درجة الحرارة والأكسجين.

بهذا يمكن تصميم ضمادات حيوية مخصصة تبعا لنوع الجرح أو النسيج المطلوب تجديده.

المادة الفطرية المكونة للهيدروجيل

يشير المهندس ستيفن نالواي من جامعة يوتاه إلى أن سر قوة هذه المادة يكمن في تركيبها: "الميسليوم مكوَّن أساسا من مادة الكيتين (Chitin)، وهي نفسها التي تتكوّن منها أصداف القشريات وهياكل الحشرات. إنها مادة متوافقة حيويا وذات طبيعة إسفنجية عالية المرونة."

ويضيف: "نظريا، يمكن استخدام الميسليوم كنموذج لتطبيقات الطب الحيوي، أو يمكن تعديله ليتحول إلى هيكل عظمي عظمي داعم لزراعة العظام."

تحديات مستقبلية قبل الاستخدام الطبي

على الرغم من النتائج المبشرة، إلا أن الباحثين يؤكدون أن الطريق لا يزال طويلاً قبل استخدام الجلد الفطري لعلاج الحروق أو استبدال المفاصل البشرية.

فبينما لا يُعرف أن M. marquandii ضار للبشر، تشير دراسات حيوانية إلى احتمال حدوث تفاعلات تحسسية نادرة تجاه مادة الكيتين.

ومع ذلك، فإن هذا الفطر أظهر قدرة على تحفيز نمو بعض النباتات، مما يفتح الباب أمام استخداماته في مجالات أخرى مثل الزراعة الحيوية والبيئة.

أول فطر يُظهر خصائص "الهيدروجيل الحيوي"

كتب الباحثون في ختام دراستهم: "وفقا لمعرفتنا، يُعد Marquandomyces marquandii أول نوع فطري يُظهر خصائص هيدروجيلية كاملة تحت ظروف النمو المغمور، مما يجعله مادة مبتكرة وواعدة في التطبيقات الطبية الحيوية."

المصدر: University of Utah Health